” أحب برج الحوت، اعشق تفاصيلك، ضحك بكا وسكوت. لأنك الدنيا، واللي يفوت يفوت”٬ ليست مجرد كلمات أغنية فالأبراج وعشقها وتطبيق صفاتها، أصبحت أحد اللغات التي على إنسان العصر الحديث اتقانها٬ لدرجة أن البعض يدرجها ضمن السيرة الذاتية٬ أو تجد أن أول لقاء تعارف بين زملاء العمل أو الدراسة لابد وأن يحمل بين طياته أسئلة حول الأبراج..
الأبراج وقراءة الطالع ومعرفة شخصيتك من برجك٬ كلها مسميات يكذبها البعض ويصدقها الآخر٬ ولكن الحقيقة التي لا خلاف عليها أنها باتت تجارة رائجة٬ ليست في مطلع كل عام ميلادي كما كانت في السابق٬ إنما تجارة يومية يزداد زبائنها حول العالم.
فلماذا رغم كل الأسانيد القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة التي تنفي ادعاء الغيب٬ وربط قدر الإنسان بنجم أو برج٬ هناك من يثبت صحة علم الفلك والأبراج؟ فأين الفاصل بين الحقيقة والسراب في هذا الموضوع الشائك؟
والأبراج كما يتم تعريفها هي مواقع فلكية لها أسماء معينة (نجوم)، ويمكن تصنيف أوقات معينة من العام بالبرج الذي يبرز في ذلك الوقت، ويتميز مواليد البرج الفلاني والفلاني بصفات معينة بكذا وكذا وكذا» هذا كلام أغلب المختصين من نجوم عالم الفلك والأبراج والذي يحمل كثير منهم لقب «دكتور» لحصوله على درجة الدكتوراه في علوم التنجيم والفلك.
ارتباط نفسي
ومن الجانب النفسي قالت الدكتورة سوسن فايد: «إن كل من يتحدث عن الأبراج والتغيرات التي يمكن أن تحدث للأشخاص المنتمين لكل برج٬ باتت هاجسا لدى من يتابعونهم٬ حيث تجعل الشخص يترقب دائما ما سيقع له ومصيره، انطلاقا مما يقرأه في برجه، وهي مسألة تجعله مقيدا في تصرفاته اليومية».
وأضافت: تعتبر ظاهرة الأبراج قديمة٬ وقد تفشت خلال العشرين سنة الأخيرة وانتشرت بسبب انتشار وسائل الإعلام من مجلات وصحف وجرائد٬ وقنوات فضائية٬ حيث باتت خانة الأبراج ضرورية إلا في قليل منها، والكلام المكتوب ما هو إلا كلام للتسلية، ويعتمد في مجمله على دراسة سلوكيات كل مجتمع على حدا وما يحتاجونه من أمور عاطفية ومادية وغيرها،
وهذا ما يعني أن الأمر لا يخلو من العلاج النفسي فقط اعتمادا على سلوكيات ذلك المجتمع فلكل مجتمع عربي او غربي سلوكيات وعادات وتقاليد والكلام المكتوب يراعي هذه العلاقة٬ والخلاصة أن الاهتمام بالأبراج وانتشارها في وسائل الإعلام فيها نوعا من الإفراط.
علم زائف
يقول الباحث الفلكي ملهم الهندي- تخصص فلك فيزيائي- هذا العلم أدرسه من الناحية الفيزيائية٬ وكل معلومة لها أساس علمي٬ أما الأبراج التي نراها ونشاهدها الآن فليست علما٬ مهما ادعى المدافعين عنه٬ فهو يسمى العلم الزائف (علم الأبراج)٬ حيث لا توجد تجارب علمية حقيقية عن تأثير النجوم والكواكب على مواقع النجوم والأبراج٬ وهو علم زائف لأن ليس له قياس٬ وهذا جانب علمي٬ ولا علاقة له بالإيمان أو المعتقد٬ ولكن أتحدث من الناحية العلمية القياسية.
وأضاف الهندي: ويعتبر التنجيم علما زائفا، أيضا لأنه غير قائم على أدلة علمية، مجرد ربط عشوائي لاصطفاف النجوم بالسلوك البشري.
وجميع المؤسسات الاكاديمية تعتبر التنجيم من العلوم الزائفة، حتى ولو اجتمع مع علم الفلك ببعض الاشياء إلا أنه لا يمكن قبوله كعلم، لسبب واحد، وهو فشل جميع الدراسات العلمية التي حاولت ان تجعل من التنجيم علم، فلا يمكن اعتبار الأبراج والتنجيم علماً إلا إذا صدقت جميع التوقعات التي يضعها المنجمون على كلشخص، لذلك فهو علم زائف دون أي شك.
ملهم الهندي : من الصعب اقناع المتابعين للأبراج أن يتخلوا عن ولعهم
شخصيتك من برجك
ويذهب البعض إلى مطابقة الصفات الشخصية لما ينتمون له من برج٬ بل ووصل التحديد بالبعض إلي تقسيم البرج الواحد إلى فئات تسمي “العشرية”، على اعتبار أن كل برج 30يوما فهو مقسم إلى ثلاث عشريات٬ وكل مجموعة لها صفاتها.
وفي الوقت الذي تؤمن فيه خلود المولد – وغيرها كثير- بالصفات الشخصية لكل برج٬ وتقول بأن معرفتها ببرج زميلتها في العمل ومديرها يجنبها كثير من المشاكل٬ لأنها تتفهم طبيعة ردود العل وفقا لكل برج.
إلا أن الخبير الفلكي ملهم الهندي يؤكد أن الأبراج هي موقع الشمس في مجموعة نجمية معينة٬ ولا يمكن أن تحكم هذه الأفلاك طبيعة الشخص وحظه٬ كما يدعون٬ فهذا عصبي لأنه من برج الأسد الناري، وذاك هادئ لأنه من برج الحوت المائي، في حين أن الطبيعة البشرية تؤثر فيها التربية، والتدين، والثقافة…. وغيرها من العوامل٬ فلا يمكن أن تنسحب صفات برج على كل المولودين فيه حول العالم٬ رغم اختلاف ما يتعرضون له من ظروف حياتية واقتصادية وسلم وحرب.
ولكن من الصعب اقناع من يتابعون الأبراج أن يتخلون عن ولعهم٬ خاصة مع الثورة التكنولوجية٬ وتواجد الأبراج ومن يدعون هذا العلم بكل لغات العالم٬ فغالبية وسائل الإعلام تعتبر الأبراج حصتها الأهم لجذب المتابعين.