«دفعة القاهرة» دراما كويتية مختلفة لاستعادة الزمن الجميل
إقرأ
بقلم- أميمة الفردان
المكان والزمان وكأنها عودة بالذاكرة لإنتاج شبيه مطلع التسعينيات للعمل الروائي «شقة الحرية» للروائي والشاعر الراحل غازي القصيبي، ورغم الفرق الشاسع، دون أن ندخل في متاهة لصالح من الفرق؛ كون كلاً من العملين له ظروف إنتاج وكاتب مختلف، ناهيك عن اختلاف الرؤية في العملين؛ إلا أن «دفعة القاهرة» نجح أبطاله والقائمين عليه كتابة وإنتاجًا وإخراجًا حتى كتابة هذا التقرير في شد انتباه المشاهد.
الحكاية التي تتقاسم الشراكة مع «حرية القصيبي»؛ الفترة الزمنية ومجموعة الطلبة الخليجيين، تقاسمت أيضًا جغرافيا القاهرة الساكنة في الوجدان العربي، وربما الخليجي بشكل أكبر؛ كونها لعبت ثقافيًا وعلميًا ومعرفيًا وفنيًا على تشكيل ذلك الوجدان لفترات طويلة. مصر الخمسينيات روائح الزمن الجميل التي تخرج من ثنايا مشاهد عمل على نسجها مخرج العمل علي العلي ببراعة فنان متمكن، فيما جاءت القصة التي روتها الكاتبة هبة مشاري حمادة مختلفة عن خط الدراما الكويتية منذ أعوام؛ خط أشبه ما يكون بإنعكاس لزمن جميل تحاول المنطقة استعادته من فم التنين!. تقول الكاتبة حمادة :»لامست مختلف القضايا الحساسة في الخليج، وكنت أبحث عن موضوع مختلف». وتضيف : «القاهرة لطالما كانت حلمًا بالنسبة لي، وتمنيت التصوير فيها، والدخول بالتالي إلى مدينة الإنتاج الإعلامي في مصر، وبفضل MBC التي تشاركنا في الإنتاج استطعنا التصوير هناك».
الديكور والمشاهد
وتكشف حمادة أنها :»المرة الأولى التي نمضي فيها كل هذا الوقت في التصوير تحت إدارة المخرج علي العلي في أول تعاون بيننا، ومع هذا الكم الجميل من الممثلين الشباب الذين سيكون لكل منهم الخط الدرامي الخاص به». وتستطرد حمادة: «لأن الطائرة هي جزء أساسي من مشهدية الحلقة الأولى، تعاقدنا مع مهندس ديكور لينفذ لنا الديكور الداخلي لطائرة في الخمسينيات، وهذا وحده سيكون حدثًا عظيمًا، مترافقًا مع الإبهار المشهدي وفخامته، ثم مصر وجامعة القاهرة. هكذا نكون قد دخلنا مخيلة المشاهد، نطرق فيها منطقة جديدة لم يعتدها المشاهد الخليجي في أعمالنا، خصوصًا أن كويت الخمسينيات كانت فقيرة نسبيًا بالألوان مقارنة بالقاهرة آنذاك، فقد كانت خمسينيات مصر تمثل الانفتاح في الشرق بكل ألوانه».
بطولة جماعية
وتشدّد حمادة على أهمية البطولة الجماعية في عمل عنوانه مبني على جغرافية المكان الذي تدور فيه الأحداث، وهو القاهرة، مضيفة: «كما أنها المرة الأولى التي أقدم فيها نصًا يحوي توليفة شبابية تجمعهم علاقة زمالة. هذه المرّة نقصد فضاءات مختلفة عن تلك التي اعتدناها في أعمالنا الخليجية، واخترنا القاهرة في فترة غنية بالألوان والملابس والمشهدية الجميلة، أما الحوارات فمبنية على قاموس الخمسينيات المختلف تماماً عن قاموس اليوم». وتضيف قائلة: «تكاد هذه الدراما أن تكون أول عمل خليجي حول هذه الفترة في القاهرة. اتجهنا نحو جغرافيا مصر البصرية الجميلة، مصر عبد الحليم وأم كلثوم والتياترو والشوارع والمباني…».
وتتوقف عند المضمون لتقول: «سنشاهد معًا تاريخ مصر من خلال رحلة طلاب خليجيين قصدوا المحروسة بهدف الدراسة، وستكون التواريخ موثقة باستخدام أغنيات العمالقة وكذلك الأحداث السياسية، فضلًا عن الرومانسية الجميلة المنتظرة».
تجربة استثنائية
وتختم بالقول: «نحن أمام تجربة استثنائية تمامًا بصريًا وجغرافيًا وحواريًا؛ بسبب المعطيات والفترة الزمنية، في ظل حب رقيق وهادئ، فيه خجل وخفر، وثقل درامي ورومانسي، ثم شعور ضمني عند الممثلين أنهم انفصلوا عن حاضرهم، ليعيشوا تلك المرحلة فعلًا. ونتمنى أن نكون عند حسن ظن الجمهور».
أصعب الأعمال
من جانبه يشير المخرج علي العلي إلى أنه: «قد لا يختلف اثنان على أن مصر هي هوليوود العرب، فهي المدرسة التي أسّست للفن العربي، بل حتى السينما فيها نشأت قبل نشوء السينما الإيطالية، لذا فهي طموح الفنانين والمخرجين». ويتوقف عند توليفة الخمسينيات التي يتطرق لها العمل قائلًا: «هذه الحقبة متعبة، ولم يكن لدينا خيار سوى مصر لتصوير واقعية المرحلة، وأعتبر أن «دفعة القاهرة» هو أصعب الأعمال في مسيرتي المهنية، لأن تفاصيل هذه الفترة محفورة في ذاكرة الناس، ولها علاقة بالتاريخ المعاصر، وهي تدرس في الجامعات، مثل العدوان الثلاثي وغيرها من الأحداث، توازيها الجمالية التي كرستها على الورق الكاتبة هبة مشاري حمادة، فأنا أعتبرها الأذكى والأبرع في صياغة نص يجمع بين الخليج ومصر».
مرحلة مفصلية
ويختم العلي: «بذلنا قصارى جهدنا، وعملنا بهدوء لنخرج بعمل راق نتمنى أن يكون عند حسن ظن الجمهور. تعاقدنا مع وجوه بعضها جديد والآخرون نجوم يعرفهم الجمهور ويحبهم. هدفنا تقديم مرحلة مهمة ومفصلية من تاريخ العرب غنية بالأحداث وملأى بالمشاهد المبهرة».