مجلة اقرا

أزمة جمال في مقاييس السعوديات!

استطلعت آرائهن : نوره العمودي
حب الناس للجمال عُرف منذ القدم، فالكل يسعى للوصول إلى الكمال والتمام في شكله وملامحه الخارجية، ولن يترددون في الوصول لما بعده إن وُجد! لكن اليوم أصبحت المقاييس موحدة، والجمال له صيغة وهيئة لا تخرجان عن إطار واحد، وغالبية كبيرة تسعى وراء التناسخ والتشابه، وبات التميز والانفراد والجمال الداخلي عملة لا تُقدر بالثمن الكبير.
هنا نستطلع رأي شابات سعوديات تعانين من الثقافة السائدة بين المجتمع للجمال، والنظرة النمطية له، والبحث عن مقومات واحدة، والكثير من الضغوط الاجتماعية والنفسية المترتبة عليهن جراء هذه المقاييس والمعتقدات المنتشرة، وجاءت آرائهن حول أزمة مقاييس الجمال في المجتمع السعودي كالتالي:
مقاييس للجمال
في البداية تتساءل دانا مدني، قائلة: الفتاة اليوم في المجتمع السعودي كيف يحكم عليها الآخرون ويعطونها لقب «جميلة» إن لم تتوفر بها المقاييس التي يرونها أساسًا للجمال؟ فلابد من الشفاه الممتلئة، والجسم الرشيق المثالي، والشعر الطويل الناعم وغيرها من المقاييس التي تؤثر سلبًا على الفتاة؛ مما يدفعها للجوء لعيادات التجميل والتفكير بإجراء «الفيلرز» وغيره من التدخلات التجميلية، حتى وإن لم تكن بحاجة لها؛ وإنما لتصل للشكل المقبول والسائد مجتمعيًا.

دانا مدني:
شفاه ممتلئة وجسم رشيق وشعر طويل ناعم
..
مواصفات الجمال الآن

معاناة شخصية
وتصف دانا تجربتها مع الرجيم وإنقاص الوزن بالمعاناة، وتقول: كان الموضوع بالنسبة لي أشبه بالهوس، فلابد أن أكون أنحف، وأن أصل لوزن مثالي في الخمسينيات.
وتضيف لضرب المثل: كثير من الفتيات يلجؤون مثلًا لمعالجات الشعر للحصول على شعر أجمل وأنعم حتى وإن لم تكن بحاجة إليه؛ وإنما لتحقيق مقصد واحد الكل يبحث عنه.
رضا النفس أولًا
كما تقول لمى خالد أنها عانت كثيرًا من زيادة الوزن، وكانت تواجه الضغط النفسي من الجميع بما فيهم عائلتها، فقد كانوا يعايرونها بشكلها ووزنها، ودائمًا ما يرددون عبارة «لن يقبل بك أي شخص في حالك هذا»، وتعود لتطرح سؤالًا: لم أنا مطالبة بالتغيير لأصل إلى شكل مقبول يرتضونه الناس؟ فالأهم هو رضا النفس قبل كل شيء.

لمى خالد:
الفتاة تواجه الضغط النفسي من الجميع بما فيهم عائلتها

ثقافة سعودية فقط
وتعتقد رحاب باقديم أن البنات يلجؤون لعمليات التجميل والتغيير من أشكالهم معتقدين أن هذا سيجعلهن أجمل في أعين الناس والمجتمع، وتقول: أنا أعتبر هذا غباءً وسخافات يلهثون وراءها، كما أنها أفكار ومعتقدات لا وجود لها إلا في مجتمعنا.

رحاب باقديم: يلجؤون لعمليات التجميل ليبدون أجمل بعيون الناس

«وراء المشاهير»
وتستاء نوف الخطابي من تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على الفتيات، فأصبحوا ينقادون وراء المشاهير ويسعون للوصول إلى شكل واحد يبحثون من خلاله عن القبول اجتماعيًا ومن ثم يرضون عن أنفسهم. وتضيف أنهم يتبعون آخر الصيحات «trends» ويرفضون ما عداها، حتى لو كان حذاء جديد نزل الأسواق فيشترونه والجميع يتسابق على اقتنائه ولبسه أولًا!
كما تقول أن هناك الآن ما تصفه بـ «هوس الماركات» فنجد حتى الفتاة صاحبة الدخل المحدود تلجأ لتجميع المال من أجل مجاراة صديقاتها والمجتمع، وهو بكل ما تأكيد ما يشكّل عبء كبير عليها.

نوف الخطابي: مواقع التواصل وتقليد المشاهير من أسباب الهوس

الرأي النفسي
ومن جانبها، توضح الأخصائية النفسية رانيا أبوخديجة أن مقاييس الجمال التي وضعها المجتمع ما هي إلا مقاييس خاطئة ووهمية؛ لأن الجمال لم يكن يومًا عنصرًا فعالًا في مقاييس القبول.
أما عن اتجاه الفتيات إلى عمليات التجميل فما هي إلا بسبب دواعي نفسية أهمها الوسواس القهري؛ أي سعي الفرد إلى الكمال من دون وجود أي خلل وهمي أو حقيقي في مظهره الخارجي، وأيضًا ما هو إلا انعكاس نفسي لعدم رضا الفتاة عن شكلها وانخفاض مستوى ثقتها بنفسها، وهو ما يدفعها دائمًا إلى الاقتناع بأنها غير جميلة.
وتكمل: هذه المقاييس أيضًا قد ننجرف بسببها لكثير من السلبيات، وغالبًا لن نجد النتيجة التي ترضينا كل مرة لأننا تبحث عن الكمال، وهذا غير قابل للتحقق.
كما توضح أنه وبشكل عام حالة الهوس بالجمال والتجميل أيًا كان السبب هي في الحقيقة حالة مرضية، وتعبر عن خلل نفسي تعاني منه الفتاة لأن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان وكرمه وجعله في أحسن تقويم، وعلينا جميعًا أن نرضى بالخلقة والهيئة التي خلقنا الله عليها ولا نعمد إلى تغييرها.
كوني أنتِ
وتختتم أبوخديجة قائلة: كوني أنتِ حتى لو لم تعجبي أحد، فإن كنت راضية عن نفسك ذلك يكفي، فأنت أجمل حين تملكين الثقة بنفسك، ولا تجعلي هذه المقاييس تسبب لك المعاناة والهوس؛ لأنهما قد يقودانك مستقبلًا إلى الاكتئاب والعزلة وخسارة روحك الجميلة.