مجلة اقرا

سلامة العبدالله أحد رواد الغناء الشعبي السعودي

بقلم – رانيا الوجيه
سلامة العبدالله أحد الفنانين السعوديين الذين برزوا في فترة الستينيات، وشارك في عدد من المهرجانات الوطنية والإقليمية، وكان مهتمًا بتقديم الألوان التراثية وله خطه المختلف عن رفقاء جيله، منذ انطلاقته حتى رحيله في يناير عام 2007. فقد ثابر العبدالله في تقديم أروع الألحان بأداء صوتي مميز، ومزج بين أصالة وانسيابية الأغنية الشعبية القديمة والآلات الموسيقية الحديثة؛ مما جعل أغانيه تلامس وجدان الجماهير السعودية والخليجية والعربية.
صوت المنطقة الوسطى
سلامة العبدالله الشمري مواليد 1945- 1361هـ، فنان سعودي من منطقة حائل، برز في نهاية الستينيات والسبعينيات الميلادية، أنشأ شركة فنية في القاهرة باسم شركة ” هتاف ” وأعاد إنتاج أعماله ، كما ساهم في عدة أوبريتات في مهرجان الجنادرية التراثي بالسعودية لعدة سنوات، فهو فنان استطاع تجسيد الفن الغنائي الشعبي في المنطقة الوسطى كمطرب وملحن، كما أجاد العزف على العود وأحتل مكانة في قلوب الناس، وهذه هي مواصفات الفنان الذي يجب أن يكون عليها، لذلك اكتسب خبرة واسعة ومعرفة تامة من خلال مجالسته واختلاطه بالأخرين بمختلف مواقعهم وأماكنهم، إلى جانب ذلك كان يملك قدرة جيدة على البحث والتنقيب والاطلاع، وهي الميزة التي ميزته عن باقي الزملاء الذين سبقوه في العطاء الفني . كما استطاع العبدالله أن يصل إلى المستمعين بعفوية لجمال أدائه وصوته، وكان يقول: ” نجد في المنطقة الوسطى ألوانًا شعبية وغنائية عديدة بإيقاعاتها الأصيلة والجميلة المتميزة في الساحة الفنية، وفي المستقبل القريب سنستخرج هذه الكنوز الفنية، ونقدمها في المهرجانات والمؤتمرات الدولية؛ لنعيد أمجاد التاريخ الفني لبلادنا الحبيبة، ووطننا مليء بالمواهب الكبيرة”.
إعتزال وتكريم
بعد رحلة فنية دامت 40 عامًا اعتزل الفنان سلامه العبدالله الفن في عام 1998، لكنه بعد ذلك أحيا مهرجان غنائي نظمته منطقة حائل أثناء زيارة الأمير سلطان بن عبدالعزيز رحمه الله، وعاد مرة أخرى ليصافح جمهوره تحت سماء المدينة، التي خرج منها منذ زمن، وبعد عامين شارك سلامة العبدالله في مهرجان الدوحة الغنائي في قطر، وكانت تلك المشاركة بمثابة قطرة الوفاء البسيطة التي يقدمها الوسط الفني الخليجي لهذا الفنان القدير.
حب ووفاء
كشف نجل الفنان الراحل سلامة العبدالله عبر أحد البرامج التليفزيونية سبب إعتزال والده قائلًا: ” بسبب وفاة والدته، إذ أحب والده أن يلتزم ويهدي لها الإعتزال تقربًا لله، مبينًا أنه بعد وفاة والدته تأثر والده كثيرًا لدرجة أنه مرض من الحزن، ما أدى إلى إصابته بعدة جلطات حتى وفاته.
وفاته
بعد صراع طويل مع المرض وتلقي العلاج في مستشفى الملك فيصل التخصصي، توفي الفنان الجميل سلامة العبدالله في 13 يناير عام 2007.
مواقف الملك سلمان  مع العبدالله
وكشف نجل الفنان سلامة العبدالله كيف تفاعل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مع وفاة والده، في حديث لبرنامج “الراحل” على قناة “روتانا خليجية”، حيث قال إنه تلقى خبر وفاة والده وكان خارج مدينة الرياض، وأثناء عودته استقبل اتصال من إمارة الرياض يفيد بأن خادم الحرمين (حين كان أميرًا للرياض) يريد تعزيته، وسأله عن مكان الصلاة عليه، فأخبره أنه سيصلى عليه في أحد مساجد الرياض (مسجد عتيقة)، فطلب منه أن يصلى على والده في الجامع الكبير بالرياض، كي يتمكن من المشاركة في الصلاة عليه، وقال لخادم الحرمين إن العائلة أعلنت في الصحف مكان الصلاة على والده، فأفاده بأن ذلك ليس بمشكله؛ إذ بالإمكان نشر تصحيح للإعلان في الطبعة الثانية، وكان الملك سلمان مهتمًا بالفنان سلامة العبدالله، أثناء مرضه وعلاجه في المستشفى وحرص على الصلاة عليه بعد وفاته.
موقف نجله من قطر
في عام 2017 طالب عبدالله سلامه العبدالله نجل الفنان الراحل، إذاعة صوت الخليج القطرية ووسائل الإعلام التابعة للنظام القطري بعدم بث أغاني والده. و سرد قصة استحواذ إذاعة قطرية على أرشيف الفنان الراحل، وقال: “بعد تكريم والدي في الدوحة من قبل شخصيات مهتمة بالشأن الفني خدعت بهم للأسف وظنيت أن فيهم خير، وأخبروني أنهم بصدد إنشاء متحف فني يخلد ذكرى جميع الفنانين العرب، ويرغبون في الاستحواذ على أغاني والدي، وأظهروا لي أن الهدف من ذلك نبيل، واتصل بي مدير إذاعة صوت الخليج محمد المرزوقي، وسافرت إلى الدوحة وكان هذا في عام 2007، وهناك قابلت الشيخ جاسم بن حمد آل ثاني الذي كان حينها وليًا للعهد، ومن ثم وقعت معهم، وتحديدًا مع أحمد المسند، وأعطيتهم محتوى الأستوديو كاملًا”، وتابع: “أنا مع وطني قلبًا وقالبًا في السراء والضراء، ومع ولاة أمرنا يدًا واحدة، ولا نقبل مس الوطن من أي طرف كان، واللي عطوني إياه مستعد أرده لهم ويعيدون لي أرشيف والدي”.
وشدد نجل الفنان الراحل على موقفه بأنه مستعد لإعادة الأموال التي دفعت له وأي مبلغ، وإن تطلب الأمر منه أن يبيع منزله أو يستلفها، مقابل عدم بقاء أرشيف والده في يد
إذاعة صوت الخليج، معتبرًا أن ذلك من حقه وعلى الإذاعة احترام رغبته.
ولفت إلى أن البعض اتهمه بالمتاجرة بذلك، ولكن ولاءه لوطنه وقيادته أكبر من تلك الأصوات النشاز على حد وصفه، وقال: “فوجئت ببعض الأشخاص يتهموني بالمتاجرة، ولكن أقسم بالله العلي العظيم أنني لا أتاجر، ووطني أهم من كل شيء ونفديه بأرواحنا، ولا أبحث عن شيء سوى عودة هذا الأرشيف، وأنا سعودي ونحن السعوديون العالم أجمع يشهد ويعرف حبنا لوطننا من صغيرنا إلى كبيرنا”. وأضاف: “أكن الاحترام والتقدير للشعب القطري وأرفض سياسة قادته التي تهدف إلى زعزعة أمن واستقرار بلدي ودول الخليج الشقيقة”.
وأوضح عبدالله سلامة العبدالله أن والده أنشأ أول مؤسسة إنتاج فني وتحمل رقم التسجيل واحد، وهي مؤسسة “هتاف”، وتحوي مجموعة ضخمة من الأعمال الفنية التي تم الاستحواذ عليها من قطر.