بقلم- آمال رتيب:
لم يتوقف لحظة عن محبة أمه٬ بل يزداد انتحابا منذ رحيلها٬ وبرا بها خصص جائزة أدبية باسمها في الشعر والرواية والقصة تكون محورها الأم وفضلها على أبنائها٬ وفي طبعتين في آن واحد الأولى على ورق أبيض والأخرى على ورق ملون صدر عن دار البطوسى للكتاب بالقاهرة ديوان (رحيل السيدة الورد) للشاعر والمؤلف المسرحي عادل البطوسي٬
وهو ديوان لعلَّه الأول (بالكامل) في رثاء الأم، وقد قدم له الدكتور (صلاح جرَّار) وزير الثقافة بالأردن سابقا والأستاذ بالجامعة الأردنية حاليا٬ حيث أشار إلى إنّ قراءة واحدة في دواوين الشعر العربيّ من ديوان الخنساء قديماً إلى ديوان الصديق المبدع “عادل البطوسي” سوف تكشف للقارئ كم نحن أمّة مرهفة مسكونة بالحزن والحبّ والشوق والحنين)٬
واستطرد قائلا: (ولذلك ليس غريباً على الصديق “عادل البطوسي” أن يخصّص ديواناً كاملاً لرثاء والدته، وأن يستمرّ في تشذيب هذا الديوان وإعادة تعهّده وطباعته لتعلّقه بروح والدته الذي يزداد بمرور الزمن) مشيرا لمعرفته الوثيقة بالمؤلف (لقد عرفت الأستاذ البطوسي كاتباً مسرحيّاً متميّزاً وناقداً أدبيّا بصيرا بالشعر وقضاياه،
وشاعرا متمكّنا من أدواته الشعريّة ولا سيّما في الشعر المسرحيّ) ولقد صمَّم لوحات الديوان الداخليَّة الفنان السوري (رضوان بصطيقة) حيث ضمَّ الديوان أكثر من ستين تصميما مواكبة لقصائد الديوان الأكثر من أربعين قصيدة (كلها في رثاء الأم) متنوِّعة ما بين الطويلة والقصيرة والقصيرة جدا بلغة لا تخلو من الأجواء المسرحية التي يتقنها الشاعر البطوسي٬
الحاصل على عشرات الجوائز في الشعر والمسرح الشعري من الدولة المصرية ومن مختلف الأقطار العربية٬ ومن أجواء الديوان قصيدة «عَطِّرُونِي ببَوح أُمِّي..!» إنِّي أمُوتْ…….!! الرُّوحُ تخرجُ من شعاب الجسمِ تأخذُ في مدارجها الشهيق ويضمحلُّ بخارُهَا أنِّي أمُوتْ……!! الرُّوحُ تتركُ سرَّها في السرِّ للسرِّ المُرمَّدِ في نَدىَ الصلصالِ تَغرسُ طيَبها في الطِّيبِ فوقَ بُراق أُمِّي وهي ترقدُ في البُراقِ
أموتُ.. متُّ… فكفِّنُوني في صلاة العندليبِ بثوبِ أمِّي عطرِّوني في نشيدِ الأقحوان ببَوحِ أُمِّي وأطلقُوا فوقَ الرفاتِ حمَامةً بيضَاءَ تشربُ طيبَ أُمِّي بالهَديلِ وَتسكُب السلوىَ على نعشي أموتُ.. أموتُ.. متُّ.. فكفِّنُوني وادفنُوني في الصباح بقبرِ أُمِّي ربَّما تصحو مساءً كي تقُص لي الحكايا كي تباركني وتطحن في بيادرها السنابل كي تهدهدني وتُجري من حناياها غديرًا وهي تتلو سفرها للناسكين هُناك في طلل البراري ثم ترجع في مناسِكهَا وتغفو مثل نرجسةٍ يُبللهُا الندَّى…!!