مجلة اقرا

«لقيطة إستانبول» البحث عن الجذور يكشف أسرار الوطن

بقلم- آمال رتيب

إن كنت أعجبت برواية قواعد العشق الأربعون فقط لنزعتها الروحية وعبقها المميز٬ فربما لن تعجب بهذه الرواية٬ أما إن كنت قد أعجبت بمهارة إليف شافاق كروائية؛ فغالبًا ستحب “لقيطة إستانبول” كعمل روائي فريد من نوعه٬ حيث أن طبقًا من حلوى العاشوراء هو ما يصنع هذه الرواية‏ المميزة؛ الفصول تُعنْوَن بمكونات هذا الطبق الشهي٬ بكل رمزياته التي تسقطها إليف على أحداث الرواية٬ أما الشيف فتلعب دوره إليف بمهارة طباخة عاشقة للفلسفة٬ لتنتج لك طبقًا ملآن بحكمة جديدة من نوعها.

30 لغة

إليف شافاق صاحبة رؤية خاصة للغاية٬ من مواليد عام 1971، انفردت بقدرتها على كتابة رواياتها باللغة التركية والإنجليزية، ولكن من جهة أخرى، فقد تم ترجمة أعمالها الأدبية إلى أكثر من 30 لغة وتم توزيعها حول العالم، ومن بينهم بالتأكيد اللغة العربية، وكانت رواية قواعد العشق الأربعون الحائزة على العديد من الجوائز نظرًا لكونها أفضل عمل أدبي؛ هي الرواية التي أطلقتها نحو العالمية والشهرة، فقد بيعت من هذه الرواية في تركيا فقط أكثر من 550 ألف نسخة، لكن كل هذا النجاح لم يقتصر على رواية واحدة من مجموعتها الأدبية، فقط كانت رواية مرايا المدينة ورواية لقيطة إستانبول من أشهر الروايات التي لمع بهما قلم إليف شافاق.

صراعات عرقيّة

ما تقدّمه أليف شافاق من أدب روائي يتجاوز الزمان والمكان٬ فيه من الفكر السياسي والتاريخي والديني والاجتماعي ما يجعلها تحتلّ مكانة بارزة في الأدب العالمي الحديث، الذي ينقل للقارئ صورة لما جرى أو يجري الآن في بلدان معيّنة من العالم٬ ولا سيّما من صراعات عرقيّة وطائفيّة وقوميّة ودينيّة وسياسيّة٬ تستند في مجملها إلى طروحات خرافيّة وتاريخيّة، ترى شافاق أنّها لم تعد تصلح معيارًا في عالم اليوم؛ لإثبات وجهات نظر تعتقد أنها موغلة في التعصّب والنظر إلى الماضي وتقديس أحداثه٬ في وقت بات العالم لا يأخذ مثل هذه الطروحات على محمل الجدّ؛ ما دامت كما تعتقد المؤلفة لا تفضي إلى نتائج نهائيّة حاسمة، وإنّما على العكس من ذلك تزيد من بؤر الصراع الطائفي والقومي والديني والمجتمعي، في البلد الواحد متعدّد الثقافات والقوميّات والأديان.


وكانت في رؤيتها هذه، التي عبّرت عنها في أعمالها الروائيّة، قد استندت أساسًا إلى طروحات الفكر السياسي الحديث بمختلف تيّاراته المعاصرة٬ روائيّة تختلف اختلافا جذريًا عن غيرها من الروائيّين والروائيّات على السواء من مختلف الأوجه؛ من حيث جذورها الثقافيّة وقراءاتها الشموليّة وتطلّعاتها الفكريّة والسياسيّة والاجتماعية، تكتب الأدب الروائي فتبدع فيه وهي التي لم تدرس الأدب دراسة أكاديميّة منهجيّة.

الأتراك والأرمن

“لقيطة إستانبول” رواية قاسية وقويّة، كرّست الكاتبة أليف شافاق كنجمةً من نجوم الرواية العالميّة٬ ترصد الرواية العلاقة الشائكة بين الأتراك والأرمن من خلال عائلتين؛ الأولى تركية تعيش في إستانبول والثانية أرمينية تعيش في الولايات المتحدة، ربطت بينهم قرابة منذ أجيال بعيدة مرتبطة بالإبادة ولا يعرف عنها الأحفاد شيئًا، الرواية تحكي قصة (شوشان) الفتاة الأرمينية التي هاجرت عائلتها من بلدها إلى الولايات المتحدة، هربًا من المجازر التي أرتكبها الأتراك، وذلك على لسان حفيدتها أرمانوش التي عادت إلى إستانبول للبحث عن أصولها. وسوف تكتشف أرمانوش، بالتعاون مع آسيا، أسرارًا كبيرة عن العائلة وعن تاريخ تركيا الحديث.

5 نساء

تتحدث الرواية عن نساء عائلة قزانجي التي تعيش في منزل كبير: زليخة الأخت الصغرى التي تملك صالونًا للوشم٬ وهي والدة آسيا اللقيطة، وبانو التي اكتشفتْ مؤخرًا مواهبها كمنجّمة، وسيزي المدرِّسة الأرملة، وفريدة المهووسة بالكوارث، أما الأخ الأوحد مصطفى فيعيش في الولايات المتحدة وسوف تكتشف ابنته أرمانوش بالتعاون مع آسيا، أسرارًا كبيرة عن العائلة تروي جزءًا من تاريخ تركيا.