مجلة اقرا

الموسيقار سامي إحسان مُطلق «العنادل»

اقرأ- آمال رتيب

” أحد أبرز رواد الموسيقى العربية” لقب مستحق للموسيقار السعودي سامي إحسان، صاحب المشوار الفني الممتد لأكثر من 40 عامًا٬ فلا يوجد موسيقار عربي غنى من ألحانه مطربون كبار من المحيط إلى الخليج مثل “إحسان”؛ طلال مداح، محمد عبده، عبد المجيد عبد الله، عبادي الجوهر، أنغام، سمية القيصر، على عبد الكريم، غادة رجب، سعاد محمد، أصالة، نادية مصطفى، كارم محمود، عبد الله الرويشد، عماد عبد الحليم، سميرة سعيد، رجاء بلمليح، عبد الله رشاد، عبد الكريم عبد القادر، ابتسام لطفي، وردة الجزائرية، عفاف راضي، محمد عمر، ويحيى لبان٬ كل هؤلاء وغيرهم٬ «كل العنادل مرت من هنا».. ٬ حصلوا على شهادات ميلادهم الفنية ممهورة بلحن من ألحان العبقري “سامي إحسان”٬ حتى الملحنون أمثال غازي علي، وعمر كدرس وجدت ألحانه طريقها إلى حناجرهم٬ ومع عدد من الفنانين في بدايتهم مثل علي عبد الكريم و محمد عمر وعبد الله رشاد وعبد المجيد عبد الله ٬ بل إن أهم مراحل الفنان عبدالمجيد عبدالله كانت مع إحسان هي مرحلة التأسيس والانطلاق، حيث قدم في تلك الفترة 5 أغنيات أشهرها أغنية “سيد أهلي” من كلمات إبراهيم خفاجي عام 1983 التي كانت بوابة عبور عبدالمجيد إلى القلوب٬ وآخرهم عباس إبراهيم٬ كما رسم ملامح بداية الفنان إبراهيم الحكمي مع الشاعر محمد بن عبد الله الفيصل آل سعود و الملحن الأمير بندر بن فهد.

سعودة الموسيقى

وللملحن سامي إحسان وقفات طويلة مع الفن، فهو أحد المساهمين في تأسيس أول فرقة موسيقية سعودية وكان عازفًا فيها على «آلة الكمان» قبل أن يرأسها، وكان ركيزة في الفرق الفنية السعودية وعضوًا فاعلًا على مسرح التلفزيون، ومن مؤسسي جمعية الثقافة والفنون، وكان إلى وفاته مهمومًا بسعودة الموسيقى في حفلاتها وفرقها الموسيقية لإشباعها في الدعم كما كان يقول.

صوت الأرض

رافق الملحن سامي إحسان نجمي الأغنية السعودية الراحل طلال مداح و فنان العرب محمد عبده في مشوارهما الطويل الممتلئ بالفن والموسيقى، فقدم مع “صوت الأرض” حوالي (60) لحنًا من أشهرها “مرت”، “تعالي نقسم الشكوى” و “طال السكوت”.

قصة وأغنية

أما رحلته مع فنان العرب فبدأت مع أول ألحانه في أغنية “سهر” عام 1969م٬ وتعتبر الانطلاقة الحقيقية له كملحن عبر أغنية “أنت محبوبي”، وروى الموسيقار قصة هذه الأغنية حيث قال: «في بيت محمد عبده كان الأستاذ إبراهيم خفاجي موجودا، وجيتهم أنا فقال لي خذ لحن هذا النص اللي هو “أنت محبوبي”، قلت له اكتب لمحمد عبده إني أنا ألحنها عشان لا يروح يغير رأيه، وكتب لي إياها والنص أنا محتفظ فيه، كذكرى جميلة لأول لحن يكون، ومحمد عبده أكد اللحن».
كما ذكر أن أغنية “مالي ومال الناس” التي جمعت الثلاثي (إحسان وعبده وخفاجي) كان لها قصة أيضًا، فقد روى أنه مر بحالة لا توصف عندما كان في القسم الموسيقي في الإذاعة كعادته، فتوجه إلى إبراهيم خفاجي الذي يعمل في وزارة الزراعة بجدة، وقال له: “يا أستاذ إبراهيم عندي جملة موسيقية تقلقني”، فطلب منه خفاجي الخروج فورًا من العمل للبيت لكتابة النص، وتمت الكتابة والتلحين في 10 دقائق، وبعد ذلك عرضت على الفنان محمد عبده الذي تركها حبيسة أدراجه لمدة سنتين.
فسأله: “وش صار على الأغنية”؟ فرد عليه محمد عبده: “أنت محتاجها؟”، فقال له إحسان: “لا”، فطلب منه فنان العرب الانتظار ثم فاجأه بإطلاقها في حفلات صوت العرب بالقاهرة مع الفرقة الماسية، فسمعها فجأة بالإذاعة ولم يكن لديه خبر عن غنائها أو متى كتبت على النوتة أو التدرب عليها!
وحققت نجاحًا كبيرًا على المستوى العربي.

استثمار المواهب

يتفرد الموسيقار سامي إحسان عن سواه من الموسيقيين، بأنه الوحيد الذي رسخ مفهوم التبني للمواهب الواعدة والاستثمار فيها، فبالإضافة إلى أنه كان يضع الرهان على المواهب بالمستوى الفني، كان يضع في الاعتبار الاستثمار في نجوميتهم وصقل موهبتهم، ويقدم هذه المواهب ويواصل عطائه في تقدير لقيم بذله وعونه، حتى لم يكن ليغفل هذا الجانب أيًا كانت الموهبة التي يتعاطى معها، وهو ما كان يضعه تحت طائلة الاختلاف مع البعض ويفجر الخلاف مع آخرين٬ بل إن هذا الإيثار كان سببًا في نكران كثير ممن اكتشفهم له٬ بعد أن أصبحوا نجومًا لامعة في عالم الفن والغناء٬ وكان لإحسان أن يصبح أكثر ثراءً في عالم الموسيقى على نحو يفوق الذي رحل عليه، ويواكب القدرات الهائلة التي لم يستثمرها٬ لكنه آثر التفرغ لدعم المواهب وتبني النجوم.