العمل المشترك للزوجين معًا.. نعمة أم نقمة 31 % يؤيدونه و69% يرفضونه
إقرأ
بقلم– ليلى باعطية
يسعى الزوجان لتوطيد روابط علاقتهما الزوجية بمد جسور الحوار بينهما واقتناص الأوقات ليكونا معًا في ظل انشغالات كلٍ منهما بواجباته ومسؤولياته سواءً على الصعيد الأسري أوالعملي، مما قد يفرض أحيانًا ابتعادهما عن بعضهما البعض رغم تواجدهما تحت سقفٍ واحد.
ويمثّل الحوار بين الزوجين أهميةً كبيرة، لذلك فإن تعدد واختلاف محاور النقاش فيما بينهما مثل التطرق لأمور العمل يعطي دلالاتٍ جميلة في نفس الطرف المتلقي، منها أهمية رأيه ودلالة على الإرتياح له. لكن ماذا لو شاءت الأقدار أن يتواجد الزوجين في مكان العمل أو الدراسة نفسه، أو أن عملهما كان في المجال نفسه ؟، هل قرب المسافات يوميًا فيما بينهما سيوطّد علاقتهما؟، وهل كونهما في المجال نفسه سيساهم في ارتياحهما وفهم بعضهما البعض أم العكس؟
توجهنا إلى القراء لمعرفة رأيهم حول تواجد الزوجين في مكان العمل نفسه، أو عملهما في المجال نفسه إلى أي مدى يؤثر على علاقتهما الزوجية، واستمعنا لتجربتين واقعيتين لسيدتين تعيشان هذا الواقع، ثم توجهنا إلى الأخصائية النفسية أمل الحامد لمعرفة البعد النفسي لهذا الأمر، وبالإضافة إلى ذلك أجرينا استطلاعًا لرأي القراء، وجاءت النتيجة كالتالي: 31% اعتبروا عمل الزوجان بالمجال أو المكان نفسه أمر إيجابي يعزز التفاهم بينهما، بينما رأى 69% الأمر سلبي على علاقتهما، وفضلوا الفصل بين العلاقة الزوجية وعلاقة العمل سواء بالنسبة لمجال العمل أو مكانه.
· آراء متباينة
الخبير الاقتصادي سالم باعجاجة يرى أن الأمر إيجابي في حال كان الزوجان في المكان أو المجال نفسه لعدة أسباب منها : تحقيق التفاهم بينهما، ومساعدة بعضهما البعض في العمل، بالإضافة أن وسيلة التواصل تكون واحدة.
سالم باعجاجه
أما رجل الأعمال بسام أخضر يرى أن أثر ذلك سلبي وخصوصًا إذا كان هناك بينهما تنافس أو يوجد تفاوت في مناصبهما الوظيفية.
على عكس نوف القحطاني التي ترى أن نجاح ذلك يعتمد على شخصياتهما وعقلياتهما، فإما أن يكونا متفهمين ويدعمان بعضهما البعض، ويكون بينهما حوارًا ونقاشات كثيرة تدعم عملهما، أو يكونا غير ناضجين؛ لينشأ الانتقاد والغيرة والمنافسة فيما بينهما.
·النجاح مسؤولية الزوج
السيدة “إلهام الهمداني” جعلت نجاح الأمر على عاتق الرجل في حال كان إنسان متحضر وراقي ومتعلم ومتفهم، أما إذا كان عكس ذلك فمن المستحيل أن يتحقق التفاهم ويترك زوجته في شأنها.
والمستشارة القانونية أميرة باوزير تجد أن الأمر له جانبين، الجانب السلبي يتمثل بأنه من الممكن أن يسبب تأثير مباشر وربط بين الحياة الشخصية والعملية ونقل تجارب ومشاكل العمل للبيت، بالإضافة إلى جانب الغيرة وغيره من الأمور. أما الجانب الإيجابي فهذا الأمر كفيل بأن ينمي ويدعم الحوار بين الزوجين والمناقشة والتفهم لحاله الطرف الآخر وضغوط عمله.
· غير إيجابي
لكن “علي السعدي” يرى أن ذلك غير إيجابي في المجتمع الشرقي والسعودي بالتحديد حاليًا، وقد يتغير ذلك مستقبلًا، على عكس المجتمع الغربي فهو إيجابي ولأسباب كثيره أهمها البعد عن الدين مع انعدام الغيرة. دكتور النساء والولادة محمد إدريس لم تناسبه فكرة تواجد الزوجين في مكان العمل نفسه ، فهو يرى أن الأمر غير إيجابي، وكفيل بأن يقتل الإبداع ويفضح أسرار العمل.
· طبيعة العلاقة
جميلة باوزير ترى أن الأمر يعتمد على علاقة الزوجين خارج العمل، فبعض الأزواج تزداد علاقتهم إيجابية عندما يتقاسمون العمل ويقدّر كلاً منهم الآخر، حيث يعلم بالضبط المضايقات والعثرات التي يمر بها الآخر ويزداد قربًا، بينما بعض العلاقات التي يكون أحد أو كلا الطرفين “أناني” حينها يلقي الضغوط أو اللوم على الطرف الآخر، أو يتبادلان الغيرة والشك وهنا يبرز الجانب السلبي.
أما “زينب تنكر” فهي ترى أن الأمر إيجابي في حال تحققه، مستشهدةً بالطبيب والطبيبة المتزوجين من بعضهما فجميل أن يفهما بعضهما ويقدران الصعوبات التي يقاسينها من ناحية طول ساعات العمل والحالات الطارئة وغيرها من الأمور. وأيضًا ترى أن الزوجين عندما يكونا في المجال نفسه سيأخذ الطرف صاحب الخبرة الأكبر بيد الطرف الآخر.
·الاختلافات تؤدي للطلاق
ولا تفضّل الوكيلة المدرسية مها العويس تواجد الزوجين مع بعضهما حتى لا تكون ضغوطات العمل من أسباب خلافاتهما، حيث أن اختلاف وجهات النظر قد يؤدي أحيانًا إلى الانفصال، بعكس لو استمع كل منهما رأى الثاني بموقف حدث للآخر، ويبدي حلول إيجابية حتى يخفف عنه ضغوطات العمل التي تعكر مزاجه.
·تجربتان واقعيتان
للمحكمة الدولية خلود الغامدي تجربة واقعية، فهي وزوجها بالمجال نفسه، وهي أيضًا تعمل في مكتب المحاماة الخاص بزوجها، ففي هذا الشأن قالت : الأمر إيجابي جدًا ويساعد على التفاهم بينهما. فعندما يكون “معصب” أعلم بأن ذلك سببه ضغط العمل أو بسبب قضية تشغل تفكيره، وأيضًا ينطبق الموضوع علي فأجده يقدّر وضعي لعلمه بالذي مررت به في العمل. لذلك الدعم مشترك بيننا، كما أنه يشعر بالارتياح من ناحية الغيرة لكوننا في مكان واحد وطبيعة عملنا تستوجب الاختلاط. وأضافت الغامدي : عندما تكوني انتي وزوجك في مجال عملٍ واحد ومحيطكم واحد من ناحية الأصدقاء والعمل تشعرين باحتواء وبسلاسة الحياة لكونه مقدّر لكل الأمور.
وأيضاً اليوتيوبر وجدان زعوري لها تجربة شخصية فقد وصفت تواجدها هي وزوجها في مكان العمل أو الدراسة نفسه مع بعضهما البعض بـ (الجميل جدًا والسعيد)، وبأنه يزيد قوة العلاقة فيما بينهما، قائلةً : حاليًا أنا وزوجي ندرس في المعهد نفسه، وأوقات البريك ينتظرني لنأكل سويًا، وهذا كفيل بأن يجعلنا نعيش تفاصيل جميلة.
وجدان زعوري
· رأي الطب النفسي
أطلعت الأخصائية النفسية أمل الحامد على آراء القراء المؤيدين والمعارضين وشهادة صاحبتا التجربتين الواقعيتين، فأشارت أن الأمر نسبي فيما يخص عمل الزوجين أو دراستهما في المكان أو المجال نفسه وأثر ذلك على علاقتهما الزوجية، لكونه يعتمد على شخصية الزوجين وعلى حسب حالة كل زواج. حيث أن كثير من قصص الحب توجت لحبيبين عملا في المجال نفسه ، فهنا الأمر يعتبر “إيجابي”، بل أنهما قد ينجحان ويبدعان وينتجان أكثر لأنهما “متقبلين” لحياتهما ويحترمان بعضهما .
أمل الحامد
· الملل والمنافسة
وتضيف الحامد: بينما يعتبر الأمر سلبيٌ وعائق بسبب “الملل، والمقصود بذلك هو تواجدهما كثيرًا مع بعضهما البعض في العمل والبيت فيغيب “الاشتياق” بينهما، ومن السلبيات أيضًا هو تدخل الزوج في عمل زوجته أو العكس، وأحيانًا قد يظهر عنصر “المنافسة”، خصوصا وأن “الرجل” الشرقي لا يحبذ أبدًا نجاح وتفوق زوجته عليه، بل قد يخترع الأسباب لإضعافها وقد يقنعها أنها مقصرة في البيت ويصر عليها بأن تقدم استقالتها من العمل أو أن تغير عملها وقد يهددها بـ “الطلاق”.
· تعارض الإجازات
وبناءً على الحالات المترددة على العيادات النفسية، وضحت الحامد أنه من الأسباب التي لا ينجح فيها الأمر هو موسم الإجازات السنوية والعطلات، التي قد تتعارض للزوجين حيث يعدّ ذلك عائقًا في أخذ إجازة سويًا، وهذا الأمر يؤثر على علاقتهما كثيرًا في المدى البعيد لأنهما سيصبحان غير قادرين على الذهاب في رحلة سويًا أو تمضية الوقت معًا، وسيصبح محور حياتهما العمل وليس الأسرة، ومن الأسباب أيضًا انهماكهما بالعمل؛ فيصبح لا وجود للوقت لتربية وتوجيه الأبناء.
· استطلاع لآراء القراء
ولأن القضية مجتمعية بامتياز، كان لزامًا علينا توسيع دائرة النقاش والحوار، عبر استطلاع للرأي، تلقينا بواسطته آراء القراء من مختلف الفئات والشرائح الاجتماعية، وكانت النتيجة كالتالي: 31% اعتبروا عمل الزوجان بالمجال أو المكان نفسه أمر إيجابي يعزز التفاهم ويساهم في تبادل الدعم والمساندة بينهما، بينما رأى 69% أن العمل المشترك للزوجين معًا في المجال أو المكان نفسه أمر سلبي على علاقتهما، ويؤدي للملل وامتداد مشاكل وضغوط العمل للمنزل، وفضلوا الفصل بين العلاقة الزوجية وعلاقة العمل سواء بالنسبة لمجال العمل أو مكانه.
سالم باعجاجة: العمل المشترك يساهم في تنمية التعاون