عين المثناه مصيف الخلفاء والسلاطين والأشراف والملوك
إقرأ
بقلم– آمال رتيب
بين وديان وعيون وأشجار قطوفها دانية٬ تقع الطائف عروس المصايف السعودية٬ مدينة جبلية حبتها الطبيعة بحماية خاصة٬ كما فاضت عليها بهذه العيون المائية التي تكثر حولها المزارع والوديان٬ وحتى مساجدها تعرف بما يحيط بها من مزارع٬ فهي«طيف» من ألوان الزهور والورود ورذاذ المطر والنسيم البارد في جميع الفصول.
وهي مصيف الخلفاء والسلاطين والملوك والأشراف، يمتد تاريخها عبر آلاف السنين، وتضم عددًا من الآثار الإسلامية المتميزة، والتي تخفي في ثناياها قصصًا عن بداية فجر الإسلام في الجزيرة العربية.
وفي «عين المثناة» أو « وادي وج» هناك الكثير لتتعرف عليه في رحلتك.
وادي وج
الطائف بشكل عام من أقدم المدن في الجزيرة العربية٬ ارتبطت ارتباطًا وثيقًا بمكة المكرمة منذ القدم٬ كانت الطائف تسمى قديمًا (وج) نسبة إلى وج بن عبد الحي من العماليق٬ وهو أول من اتخذها مصيفًا، كما نُسب إليه وادي وج ٬ ويبدو من كتب التاريخ أن اسم هذا الوادي أقدم من اسم قبيلة «ثقيف» ذاتها، وفيه كما يروي البكري وياقوت: زرع قسي بن منبه بن بكر بن هوازن عيدانًا من العنب، وكانت المزارع تقام على طرفي هذا الوادي، الذي يقول بعض الأهالي إن مياه أكثر من 90 شعبًا تسيل فيه٬ أما اليوم وبعد أن أدرك المسؤولون في الدولة خطورة مياه السيول التي تسيل في الوادي، فقد نفذوا فيه مشروعًا لتصريف مياه السيول٬ ويقام على جانبيه مشروع «الكورنيش» الذي يعتبر من أهم المشاريع التي نفذت في الطائف.
ثم سميت بعد بذلك بالطائف نسبة إلى السور الذي بنته ثقيف حولها في الجاهلية٬ وكان الهدف من السور تحصينها وحمايتها من غارات القبائل الأخرى٬ وقد بُني من اللبن وكان سور عال وسميك ومزود بأبراج وله بوابتان٬ وكان موقع المدينة في الجانب الجنوبي لوادي وج.
وقد تفوق أهلها – ثقيف – في الزراعة والدباغة والتجارة لتسويق منتجاتهم الزراعية وغيرها٬ مما أدى إلى ترابط العلاقات والمصاهرات أكثر مع قريش في مكة المكرمة٬ حتى قالت العرب: مكة من الطائف والطائف من مكة.
العيون
كانت الطائف تعتمد على نبوع العيون الفياضة، ومياه السدود الغيّاضة٬ واشتهرت الطائف إلى جانب هوائها العليل، وعنبها ورمانها وعسلها وتينها ووردها، بكثرة العيون العذبة، التي ظل الناس يشربون منها، ويسقون حدائق الفاكهة، وبساتين الحبوب والخضار، حتى عدّ بعض المؤرخين قرابة الـ 20 عينًا على وادي وج وحده.
هذا الوادي الذي وهب لنا مدينة جميلة هي الطائف، فقد قامت على جوانبه المعروشة بالأعناب، بعد أن حفر (ثقيف بن منبه بن بكر بن هوازن العدناني) جد ثقيف، أول عين أو بئر على هذا الوادي العظيم بيده وبالصخرة.
وظل كثير من هذه العيون على هذا الوادي وعلى أودية كثيرة تصب فيه، إلى بداية التسعينيات الهجرية من القرن الماضي٬ كانت بساتين المثناة وقروى والعقيق والجال وغيرها تُسقى منها، عبر جداول وقناطر كثيرة، ومن أشهر هذه العيون على سبيل المثال: عين المثناة، وعين الجال، وعين العقرب، وكذلك عيون: الفيصلية وقروى والوهط والوهيط والسلامة وشويحط وشقرى والحطّابة، إلا أن عدد السكان تضاعف عشرات المرات.
مساجد المثناة
إذا كنت صاعدًا في وادي وج فأول ما يقابلك قصر أفراح المثناة (مزرعة أبو راس)، وعلى يسار الوادي المسجد الذي ينسب لسيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنه، وقد وجدت بأوقاف الطائف أن الشريف عبد المطلب بن غالب عام 1216هـ، أوقف بستان البهجة المشهور و6 دكاكين في الطائف في علو قرية الهضبة وما يعرف اليوم بحي أو محلة فوق٬ و6 بساتين في الوهط على مسجد الخبزة .
وعلى يمين الوادي يقابلك في وسط مزارع أشراف آل غالب المسجد المنسوب لعداس وجدد قبل بضع سنوات، وهذه المزرعة لدى الصقرة الآن يقومون بزراعتها.
مسجد المدهون أو القنطرة أو قابل؛ وهذه كلها مسميات وردت لهذا المسجد، فيسمى المدهون نسبة للجبل الذي بجواره المسجد٬ والمدهون هو رجل كان يقطن في هذا الجبل، أما القنطرة فهي عبارة عن قنطرة ماء تعبر من فوقها عين المثناة و سيل وادي وج من تحتها٬ كما يسمى مسجد قابل لأن بجوار هذا المسجد مزرعة لآل قابل.
مسجد الخبزة وهو المسجد الذي يقع على يمين الوادي وجددت عمارته حديثًا٬ وسمي بذلك لأن من تحته تمر عين الخبزة وهو في بستان الرقاب الكبير، ومن أشهر من أم المصلين ودرس في هذا المسجد الشيخ أحمد بن حسن آل كمال، وكان جل طلابه من الأشراف الشنابرة وآل غالب وقريش وثقيف .
مسجد الكوع ويقع هذا المسجد في السفح الجنوبي من جبل أبي الأخيلة وتسميه العامة الآن جبل أبي نخيلة، وهذا المسجد مطل على الشريعة أي مشرعة عين المثناة، أمامه دار ومزرعة الشريف غالب المشهور والمعروف بالباطنة.
مسجد الصور وهذا المسجد يقع قبله بيت الهرساني، وسمي بذلك لوقوعه بجوار قلعة مشرفة للشريف غالب في سفح جبل قرين، وكان في قبلة هذا المسجد مستشفى الأمراض الصدرية.