بقلم: أميمة الفردان
«أهيم بروحي على الرابيه/ وعند المطاف وفي المــروتين / وأهفو إلى ذكرى غـــــاليه/ لدى البيت والخيف والأخشبين/ فيهدر دمعي بآمـــــــــاقيه/ ويجري لظـــاه على الوجنتين/ ويصرخ شوقي بأعمــاقيه/ فأرســل من مقلتي دمــــــعتين»؛ بهذه الكلمات التي تملأ القلوب شوقاً إلى البيت الحرام، تغنى الشاعر المكي طاهر زمخشري حنييناً إلى مكة، تصف حال عشّاقها وحجيجها.
مكة التي كانت ولا تزال تُشد اليها الرحال؛ تعددت اسمائها من زمن الجاهلية حتى يومنا هذا؛ وهو ما يبدو واضحاً في سبب تسميتها بهذا الإسم حيث ورد ان العرب قديماً كانوا يحجون اليها ويمكثون فيها؛ فيما جاء اسم «بكة» كونها تحرم على من فيها الفجور لحرمتها؛ وبسبب موسم الحج الذي نادى اليه أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام؛ ونظراً لقداستها وجعلها مكاناً تهفو له القلوب، ولصعوبة ومشقة الوصول اليها، وبسبب جغرافيتها الصحراوية وحرارة طقسها؛ التي تحيط بها الجبال؛ تغنى كثير من الشعراء والفنانين بها.
يأتي الشاعر طاهر زمخشري في مقدمة؛ من كتب للوادي المقدس؛ في التاريخ الحديث؛ أثناء فترة اقامته في قاهرة المعز؛ وجاءت كلمات القصيدة لتصف تفاصيل لا يعرفها الا من زار مكة والبيت الحرام، وشعر بالهالة الروحانية التي كانت ولا زالت تحيط بالمكان؛ حيث يتجلى الله بجلاله في البيت المعظم وهو ما وصفه زمخشري في قوله:
فإن طاف في جوفه مسهد/ وألقى على سجـــــفه نظرتين /تــــــراءى له شفق مجهد/ يواري سنـــا / الفجر في بردتين / وليس له بالشجـــــا مولد / لمغترب غــــــــــائر المقلتين / أهيــــــــــم وقلبي دقـــاته / يطير اشتياقاً إلى المسجــدين / وصدري يضج بآهــــــاته.
وفيما يسترتسل الزمخشري هائماً في بحر ذكرياته حول البيت، يصف حال الحجيج عند الإنتهاء من رحلة الحج ولسان حالهم يردد: أهيــــم وفي خاطري التائه / رؤى بلد مشرق الجـــــــانبين /يطـــــــوف خيالي بأنحائه / ليقطع فيه ولو خطــــــــوتين/ أمـــــــــرغ خدي ببطحائه /وألمس منه الثرى باليــــــدين / وألقــــــــي الرحال بأفيائه/ وأطبع في أرضــــــــه قبلتين
القصيدة التي تغنى بها الراحل محمد علي سندي؛ بلحن من الفلكلور الحجازي؛ لاقت صدى واسع في ذلك الوقت ولا تزال الأغنية حاضرة؛ في ذاكرة الحج؛ كلما حلّ موسمه؛ فيما تغنى بالقصيدة الزمخشرية كثر من الفنانين السعوديين على رأسهم عميد الأغنية السعودية طارق عبد الحكيم؛ بالإضافة لطلال مداح؛ وفنانين شباب من جيل السبعينات ولازالت تغنى في الصالونات الفنية التي تقيمها المكييّن؛ فيما يأتي الفنان يحي لبان ضمن قائمة من تغنى بهذه الكلمات.
