بقلم-أميمة الفردان
وادي فاطمة أحد اهم وأشهر الوديان في غرب المملكة العربية السعودية؛ والتي كانت مرتعاً لليالي السمر والسهر؛ بسبب ما يتميز به من أجواء ربيعية ومناظر طبيعية؛ نظراً لموقعه الجغرافي الذي يبدأ من أعالي جبال السراة القريبة من مدينة الطائف وينتهي عند بحرة بين مدينتي جدة ومكة المكرمة.
“بطن مر”؛ او “مر الظهران” هذه التسميتين من أشهر الأسماء التي تم اطلاقها على الوادي؛ كونه واحداً من الأودية التي تمتاز بخصوبة ارضها المر الذي نتج عنه وجود المزارع الغنّاء ووفرة المياه العذبة وجريان مياه الأمطار فيه وهو ما عمل على وجود قرى عديدة في بطن الوادي ربما أهمها الجموم.
وبسبب تكاثر القرى في الوادي سكنته؛ العديد من القبائل العربية؛ منذ بداية العصر الجاهلي منها قبيلة خزاعة؛ وقبيلة عك وكنانة.
لماذا سمي وادي فاطمة؟
أطلق عليه وادي فاطمة في القرن العاشر الهجري نسبة إلى خمس نساء تسمين بفاطمة؛ وعلى الرغم من الخلاف حول التسمية ونسبة الوادي إلى الفواطم الآتي ذكرهم؛ إلا أن ذلك لا ينفي تسمية الوادي بوادي فاطمة على نطاق ضيق تاريخياً؛ بل يؤكدها على الأقل في زماننا؛ وهؤلاء الفواطم حسب الترتيب الزماني هنّ:
* فاطمة بنت سعد بن سيل بن زهران بن الازد؛ أم قصي بن كلاب القرشي؛ وهي إحدى الفواطم اللائي ولدن النبي محمد صلى الله عليه وسلم من جهة أجداده.
* فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
* فاطمة الخزاعية “الطبيبة”
* فاطمة بنت الشريف أمير مكة ثقبه بن رميثة، وهي من السيدات اللاتي لم يأتي مثلهن في الرئاسة والحشمة.
* فاطمة الطبرية
وادي فاطمة في عيون الرحالة الإنجليزي بيركيهارت.
في العام 1815م. غادر المستشرق الإنجليزي جون بيركيهارت إنجلترا؛ متقمصاً شخصية حاج مسلم؛ بهدف أداء مناسك الحج؛ وقام بإستئجار جملين لحمل امتعته؛ بمبلغ وقدره (180) ليرة للجمل الواحد؛ في تمام الساعة التاسعة مساء؛ ليصل قادماً من المدينة المنورة إلى وادي الجموم الذي يعد أكبر واهم روافد وادي فاطمة.
وادي فاطمة بالأبيض والأسود.
كيف وصف بيركيهارت الوادي العظيم؟
يعتبر الوادي في ذلك الوقت ارض منخفضة؛ تجري فيها الينابيع والآبار، وتحتوي الأراضي المزروعة فيه على أشجار النخيل التي تزود الأسواق في كلاً من مكة المكرمة وجدة ؛ وكان يتم نقل الخضار كل ليلة على ظهور قطعان صغيرة من الحمير إليهما. وبما أن الوادي يزخر بالمياه كان من الممكن زيادة إنتاجه أكثر؛ الا ان أهل الحجاز في ذلك الوقت عامة كانوا يكرهون الأعمال اليدوية.
ويحكي بيركيهارت “وبالقرب من المكان الذي ترجلنا فيه يجري غدير صغير آت من الشرق يبلغ عرضه نحو ثلاثة أقدام أو قدمين عمقا ويتدفق في ساقية تحت الأرض مغطاة بالصخور كشفت في مساحة صغيرة تزود القوافل بالمياه الفاترة أكثر من مياه زمزم بمكة المكرمة؛ وبالقرب منها عدة أبنية عربية مهدمة وخان كبير”.
ويتميز وادي فاطمة بأشجار الحنة العديدة التي يستخدم الشرقيون أزهارها العطرة بعد أن يحولوها إلى مسحوق لصبغ الكفين وأخمص القدمين والأظافر. وتباع الحنة التي تنمو في هذا الوادي إلى الحجاج في أكياس جلدية حمراء صغيرة ويأخذ الكثير منهم بعضا منها إلى بلادهم كهدية إلى قريباتهم.
ويستطر بيركيهارت في رحلته “غادرنا مكان استراحتنا عند الساعة الثالثة بعد الظهر؛ واستغرقنا ساعة لعبور الوادي إلى طرفه الشمالي؛ حيث تبدأ طريق الحج بالارتفاع شيئاً فشيئاً بين التلال عبر أودية مليئة بأشجار الافاقيا بالاتجاه الشمالي الغربي، وبعد مرور ساعتين تتكشف الطبيعة وتقل الأشجار ويتغير اتجاهنا وقد غادرت القافلة نحو الغروب،
وبعد أن شعرت بالتعب جلست في ظل شجرة في انتظار القافلة حين انسل خمسة لصوص خلسة من بين الجنبات نحوي، وقاموا فجأة بسرقة عصاي وهي السلاح الوحيد الذي كان خلفي على الأرض؛ وقال قائدهم دون شك إني فار من الجيش التركي، لذلك كنت غنيمتهم الشرعية ولم ابد أي مقاومة لكنني؛ وبعد أن ألفيتهم أقل إصرارا من اللصوص عامة، استنتجت بأنهم يشعرون بشئ من الخوف. لذلك أخبرتهم بأنني حاج وأنتمي إلى قافلة كبيرة يرافقها بدو حرب؛ وانه من الأفضل لهم ألا يستخدموا العنف معي؛ لأن مرشدينا سيعرفون الفاعلين بلا شك وسينقلون ذلك إلى من يملك السلطة لمعاقبتهم”.