مجلة اقرا

مكافآت منسية !

بقلم: السعد المنهالي

هل تذكر آخر مرة حصلت فيها على مكافأة؟ لا يحتاج الأمر إلى تفكير طويل، فقد تكون حصلت للتو على ابتسامة من أحدهم، ردا على معروف بسيط قدمته له.

غالبا ما ينسى الناس المكافآت التي تقدم لهم -عن عمل أنجزوه- في حال كانت على شكل دعوة سخية أو كلمات تقدير أوسمعة طيبة أو إيماءات رضا أو مشاعر سعادة تصدر عن أولئك الذين أُنجز لهم هذا العمل! يتعامل أغلبنا مع كلمة «مكافأة» كمرادف للمال، في حين أن المكافأة لها مدلول الجزاء عن العمل كمردود يسعد مُتلقية -فيدفعه للاستمرار والعطاء- يأتي بأشكال مختلفة، المال أحدها.

ما لا يعرفه هؤلاء الناس أو لنقل لا يرغبون في استيعابه، أن أنواع المكافآت المعنوية سابقة الذكر، ذات مردود يحقق السعادة في منتهاها؛ بمعنى أننا بالفعل نحتاج المال لتسيير أمور الحياة، غير أننا نبذله كذلك فيما بعد، لتحقيق رضا الناس والحصول على السمعة الطيبة بينهم وسماع عبارات التقدير منهم!

ذاك عن المكافآت المعنوية التي نحصل عليها من الآخرين، أما المكافآت التي نحصل عليها من ذواتنا عندما ننجز أعمالاً نحبها باتقان، هي عطايا وجزاءات فورية نمنحها لأنفسنا، كونها تحقق سعادة يمكن تلمسها بسهولة، ولا نحتاج للآخرين كي ندركها.

كما أن شعورنا المستمر بأن أحداً سيُقيم عملنا ويمتدحه يجعلنا في حالة عدم حدوث ذلك، وكأننا فقدنا شيئاً مهماً؛ فيما الحقيقة أن هذا الشيء يمكننا أن نقدمه لأنفسنا دون الحاجة لأحد.

نسيء لأنفسنا عندما لا نتوقف عند تلك المكافآت بدفئها وحقيقتها غير المادية، ونتعامل معها بتجاهل ونكران، وهذا ما أتلمسه بشدة في مجتمعات العمل بكل أسف.

يخضع الموظفون لعملية تقييم أداء للعمل سنويا، ولذا فلا غرابة أن يشغلهم هذا الحديث بما يحمله من أجواء متباينة تستأثر عليها نبرة ليست حسنة في أغلب الأحيان.

المثير في الموضوع أن أجواء عدم الرضا تأتي في وقت من المفترض أن يكون وقت احتفال بحصيلة عمل عام كامل! فحسب ما يطلُبه تقييم الأداء، يتعين على الموظف سرد إنجازاته التي حقق نجاحاً فيها وتمكن من إزالة عراقيل وتجاوز عواقب.

تقييم الأداء لا يستوجب بالضرورة حصولنا على مكافأة مالية مقابل أعمالنا، لأننا في الأساس نتقاضى مقابل ما نقوم به من عمل.

فلنجعل من تقييم الأداء فرصة لنكافأ بدفء الرضا الذي نقدمه لأنفسنا لما أنجزناه بإتقان وحب مسيرة عام.