مجلة اقرا

حمدان شلبي.. رحيل وحش الدراما السعودية

بقلم– رانيا الوجيه
ممثل قدير من الجيل المؤسس للإذاعة والمسرح والدراما السعودية، قدم أعمالا عديدة وناجحة خلال مسيرته الفنية ، بلغ عددها 70 عملاً، من أشهرها “أصابع الزمن” و”ليلة هروب” و”قناديل الغرام” و”قصر فوق الرمال” ، وكانت آخر مشاركاته الفنية مسلسل “37 درجة مئوية”، توفي الراحل الكبير يوم 8 ابريل من العام الحالي.
“سكين الفن”
حمدان شلبي أحد أكثر الشخصيات الفنية التي رسمت تاريخ الفن السعودي في الثمانينات خاصة ، لم يقتصر عطاءه على الفن والثقافة، بل كان من فرسان العمل في المجال القانوني، حيث كان من أبرز المحامين السعوديين، مارس مهنة المحاماة جنبًا إلى جنب مشواره الفني، وقد قال عن ذلك في لقاء تلفزيوني قبل وفاته :” لم استطع الابتعاد عن الفن ، ولم اجد السكين الذي اقطع به الفن” .
بداية مبكرة وتألق بـ”الشر”
بدأ شلبي التمثيل في عمر 10 سنوات في برامج الإذاعة للأطفال، وكان والده حريصاً على نجاحه في الإذاعة منذ الصغر ، لذلك لم يعارضه حين اراد الدخول إلى عالم التمثيل، واستمر في مسيرة التمثيل إلى أن برز نجماً من خلال دوره الشرير في مسلسل ” أصابع الزمن”، مما اثار خوف الأطفال منه بسبب ذلك الدور.
عكس أدواره
تزوج حمدان شلبي مرتان ،واعتبر أبناءه هم أصدقاءه وإخوته، ورغم أنه جسد في الكثير من أدواره شخصية ابن البلد العصبي ، إلا أنه كان عكس ذلك تماماً في الواقع، حيث كان يتسم بالحنان والهدوء والعطف مع أبنائه وأسرته وأقاربه وأصدقائه ، وكل المتعاملين معه .
نموذج للفنان الملتزم
امتلك الراحل الكبير حساً فنياً عالياً، أهله ليكون من نجوم الدراما السعودية والخليجية في عصرها الذهبي، قدم شخصيات وكاركترات حاكى من خلالها وجدان المشاهد الخليجي، كما اتصف بدماثة الخلق وإنسانية مميزة في تعامله مع زملائه وجمهوره المحب لشخصه وفنه، وكان لديه حرص ودقة في مواعيده، كان قامة فكرية وأدبية وذات رمزية مختلفة في مسيرة الفن السعودي ،ونموذجاً للفنان الخلوق الملتزم في عمله ، وما قدمه للإذاعة والمسرح والتلفزيون السعودي سيظل محفوراً في ذاكرة أجيال عديدة.
سر القطيعة مع العرضاوي
شارك الفنان حمدان شلبي والفنان محمد العرضاوي في بطولة مسلسل “عتقاء أبي بكر” عام 1966، قبل 52 عاما، في بدايات الدراما التلفزيونية السعودية، وتسبب العمل في قطيعة فنية بين العرضاوي وشلبي.
وتفاصيل الواقعة ، أنه بعد بروفات دامت 6 أشهر ، وأثناء تصوير مشهد بين العرضاوي وشلبي، كان الأخير يجسد فيه دور الجلاد ، الذي يعذب العرضاوي المكبل بالسلاسل لثنيه عن الدين الإسلامي، رش المخرج محمد داود العوريان الماء على جسم العرضاوي “العاري”، وضربه شلبي بـ”الكُرَباج” الملفوف بخيوط قطنية ليبدو وكأنه حقيقي، وبعد رش المياه على جسم العرضاوي، تعرضّت الخيوط القطنية للبَلل، وسبب الضرب بها آلاماً شديدة للعرضاوي، دون ادراك شلبي لحقيقة الموقف، وفي ظل استمرار شلبي في الضرب، صرخ العرضاوي ليتم إيقاف تصوير المشهد، ويخرج غاضباً من شلبي ويوبخه بصوت مرتفع، هنا تدخل الممثل الكبير محمد حمزة للصلح بينهما ومواصلة المشهد، إلا ان العرضاوي أصّر على موقفة – وحلف يمين – بأن لا يدخل مع شلبي في أي عمل درامي، وهو ما تم بالفعل، فطوال حياتهما الفنية لم يلتقيا في أي عمل درامي بعد ذلك.
وفاته
عانى الفنان حمدان شلبي مرارة الحياة في أيامه الأخيرة، وكان يعيش معاناة قاسية منذ عام 2015 ، عندما تعرض لجلطة دماغية ودخل المستشفى، وفي السنة الأخيرة من عمره تدهورت حالته الصحية كثيرًا، وكان يعاني من تضخم بالقلب وقصور في الرئة وأصيب بمرض الزهايمر أيضًا، وبعد مسيرة فنية حافلة بين الإذاعة والمسرح والتلفزيون، توفي بعد صراع طويل مع المرض.
قرار لم يصدر
تقول الإعلامية سهى الوعيل : ستظل المرحلة الأخيرة من حياة الفنان حمدان شلبي شاهدة عند رب العالمين،على كل شخص كان يملك قرار تكريم هذا الفنان وأمثاله من كبار الفنانين والإعلاميين ولم يفعل ، الله يرحمه.
المرض وغياب الزملاء
ويقول فارس حمدان شلبي : “والدي كان يعيش معاناة قاسية بين هم المرض وغياب زملاء الوسط الفني، ومنذ عام 2015 تعرض لجلطة دماغية ودخل المستشفى، كان يكتم وجعه وسوء حالته الصحية وألمه وحسرته”.
أجمل ابتسامة بالوسط الفني
واستعاد الإعلامي علي فقندش ذكريات علاقته بحمدان شلبي التي تعود إلى 4 عقود، قائلاً: “وجدت في شخصه عالم كبير من الإنسانية والوفاء ، كان يمتلك بعداً وحساً ، يصعب وصفه بمفردات أقل من مكانته وقامته الأدبية والفنية”، مضيفاً أن :”الراحل كان مرجعاً فنياً وثقافياً أثرى الإذاعة والمسرح والتلفزيون، وشارك في تقديم أعمال سعودية ناجحة على مر 5 عقود، قدم خلاها عدداً من الأعمال الفنية والإنسانية، وعرف بابتسامته التي لا تفارقه ، التي تعد الأجمل في الوسط الفني”.
مدرسة لن تتكرر
من جهته، أشار محمد بخش، إلى أن شلبي تميز بشخصية أدبية وفنية، ورأى أنه :”مدرسة لن تتكرر، عطفاً على ما قدمه من إبداع وتجديد في طابع اللون الحجازي السعودي العريق ، في جميع الشخصيات التي جسدها، ولم يكتف بالأداء وتقمص الشخوص ، بل كان نهماً في دراسة أبعاد الشخصيات التي تسند إليه، ويحرص على تقديم المختلف بهدف الارتقاء بالذائقة الفنية السعودية”.