سياحة

مدائن صالح .. أول موقع سعودي بقائمة التراث العالمي

ج

جده – رانيا الوجيه
“مدائن صالح ” موقع بالغ الأهمية على عدة مستويات ؛ دينيا ورد ذكرها في القرآن الكريم على أنها موطن قوم ثمود، الذين عقروا الناقة التي أرسلها الله لهم آية فأهلكهم بالصيحة ، وأثرياً المكان يعود لآلاف السنين وتشهد بقاياه على الأقدمية الحضارية للمنطقة ، وسياحياً ؛ المنطقة يمكن تحويلها لأيقونة سياحية داخلياً وخارجياً، وقد تعاظمت القيمة الحضارية والأثرية لمدائن صالح بإعلان منظمة الأمم المتحدة للعلوم والتربية والثقافة “اليونسكو” عام 2008 مدائن صالح موقع تراث عالمي، وبذلك أصبح أول موقع في السعودية ينضم إلى قائمة مواقع التراث العالمي، ليحظى باعتراف وتقدير دوليين بأهميته الكبرى ، ليس بالنسبة للسعودية فقط ، وإنما بما يخص التراث الإنساني العالمى.
التاريخ والأصول
“مدائن صالح “موقع أثري يقع شمال غرب المملكة، تحديداً في محافظة العُلا التابعة لمنطقة المدينة المنورة، يحتل المكان موقعاً استراتيجياً على الطريق الذي يربط جنوب شبه الجزيرة العربية ببلاد الرافدين وبلاد الشام ومصر، مما صنع شهرة المكان التاريخية لموقعه على طريق التجارة القديم ، كان المكان يعرف قديماً بـ”مدينة الحِجْر”،
والحجر اسم ديار ثمود بوادي القرى بين المدينة المنورة وتبوك، ومدائن صالح من أهم حواضر الأنباط إذ تحتوي على أكبر مستوطنة جنوبية لمملكة الأنباط بعد عاصمتهم البتراء في الأردن ، التي تفصلها عنها مسافة 500 كيلو متر، ويعود أبرز أدوارها الحضارية إلى القرنين الأول قبل الميلاد والأول الميلادي، خلال فترة ازدهار الدولة النبطية قبل سقوطها على يد الإمبراطورية الرومانية عام 106م، ويُعتقد أن الحِجْر استمرت في حضارتها حتى القرن الرابع الميلادي، وكانت عاصمة مملكة لحيان في شمال شبه الجزيرة العربية.
محتويات أثرية
تضم آثار مدائن صالح 153 واجهة صخرية منحوتة، كما تحوي عدداً من الآثار الإسلامية ، تتمثل في عدد من القلاع وبقايا خط سكة حديد الحجاز الممتد لمسافة 13 كم ، وكذلك المحطة والقاطرات، كما يوجد موقع أثري آخر يعرف بـ”مدائن شعيب”، يقع شمال غرب مدائن صالح ويتبع منطقة تبوك، ويحتوي على آثار تشبه إلى حد كبير تلك الموجودة في مدائن صالح.
السكان القدماء للمنطقة
حسب علماء الآثار، فقد سكن المعنيين الثموديين مدينة الحجر في الألفية الثالثة قبل الميلاد, ومن بعدهم سكنها اللحيانيون في القرن التاسع قبل الميلاد ، وفي القرن الثاني احتل الأنباط مدينة الحجر, وأسقطوا دولة بني لحيان واتخذوا من بيوت الحجر معابد ومقابر، وقد نسب الأنباط بناء مدينة الحجر لنفسهم في النقوش التي عثر عليها، لكن ما يُكذب زعمهم أن مدينة الحجر تشتمل على كمية هائلة من النقوش المعينية واللحيانية التي تحتاج لدراسة رموزها وفكها، ومناطق العلا وديدان والخربية تضم آثاراً لحيانية، أقدمها ربما يعود إلى 1700 قبل الميلاد حسب الكتابات, وقد دمر زلزال جزء منها, ومدينة الحجر هي من آثار المعنيين والتجار الثموديين الأوائل القادمين من جنوب الجزيرة العربية.
جبل إثلب
و جبل “إثلب” من أشهر معالم مدائن صالح ، يقع في الشمال الشرقي للمنطقة ، يحيط به فضاء واسع، وكما في مدينة البتراء بالأردن ؛ يصل للمنطقة طريق ضيق يسمى (السيق)، ونحت داخل الصخرة صالة كبيرة مفتوحة تسمى الديوان، ومحاطة بعمودين وبعض المصطبات الحجرية على الجدران الثلاثة الداخلية، ونقلاً عن المكتشف تشارلز داوتي في عام 1888م :” فقد كانت هناك عتبة، وقد سقطت مع مقدمة السقف، وهذه الغرفة باردة بشكل لطيف إذ تهب النسمات العليلة هناك دومًا، ولأن واجهتها شمالية فلا تدخلها الشمس، ويوحي المكان بشعور عميق بالأمن والهدوء”، مما يجعل المكان مهيباً بشكل كبير، ويمنح تسلق جبل إثلب منظراً خلاباً على مدائن صالح.
القصر الفريد
القصر الفريد أشهر المقابر النبطية في “الحجر”, ومن أجمل المقابر النبطية عامة ، إذ يتميز بواجهة شمالية كبيرة , وسمي بالفريد لانفراده بكتلة صخرية مستقلة, وكذلك لاختلاف واجهته الكبيرة عن المقابر الأخرى في مدائن صالح, ويلاحظ دقة النحت وجماله في الواجهة, ورغم جماله الفائق إلا أن القصر الفريد غير مكتمل النحت؛ حيث لم يكتمل العمل في أسفل الثلث الأخير, و قد بني القصر لشخص اسمه “حيان بن كوزا”، بينما تقع محطة “مرممة” على سكة حديد الحجاز على بعد 6 كم شمال المدائن .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *