نظام عقوبات التحرش يصون (قيادة النساء) ويحمى أمن واستقرار المجتمع
جدة – رانيا الوجيه – وليد الفهمي
بفرحة غامرة ؛ استقبلت جميع الأوساط بالمملكة التوجيه الملكي الكريم ، باصدار قانون يعاقب على التحرش، خاصة والنساء مقدمات على مرحلة جديدة بصدور قرار السماح لهن بقيادة السيارة ، مما سيرتب تواجدهن بكثافة في الشارع ، وجاء التوجيه بنظام لتجريم وعقاب التحرش كحماية للنساء ، وحفظاً للأمن والنظام ولتقاليد وأعراف المجتمع ، وبما يتيح لهن استخدام “حق القيادة” بأمن وأمان ودون معوقات .
“البلاد” ناقشت ملف التحرش مع مختصين في المجال النفسي والحقوقي والأكاديمي والديني ، وأجمعوا على نجاعة النظام المقترح وضرورته لحفظ الحقوق والأعراض وأمن المجشتمع ، وهو مأيده المواطنون مطالبين بأن يتضمن النظام ردع من قد يستخدم القانون للادعاء الباطل دون بينة .
أنواع الشخصيات المتحرشة
تقول دكتورة ناديه نصير المستشارة التربوية والأسرية والرئيس التنفيذي لمكتب الأمل للاستشارات التربويه والأسرية ، إن ظاهرة التحرش ليست مقتصرة علي مجتمع معين، إنما ظاهرة عالمية لا يسلم منها أي مجتمع غربي أو شرقي، وعلينا ان نتعرف علي شخصية المتحرش والأسباب التي خلقت منه متحرش.
وتفصل أن هناك العديد من أنواع الشخصيات المتحرشة ؛ البعض لا يتحرش إلا بالأطفال من سن الرابعة أو سن 10 أو 12 سنة، والنوع الثاني يتحرش بالنساء الكبيرات في العمر ربما في عمر والدته، وهناك نوع يتحرش بالنساء والفتيات ، وهكذا لكل متحرش نوع معين يتحرش به ، أما عن الاسباب فهي تتركز حول تربية الأسرة، في اغلب الأحيان يكون المتحرش قد تعرض للتحرش في صغره فيصبح بدوره متحرش، أو تعرض لتربية عنيفة جداً، فيجد في التحرش متنفس لينتقم لنفسه من العنف الذي عانى منه في الماضي .
بيئة المتحرش
وتضبف نصير بيئة المتحرش تلعب دوراً رئيسياً في سلوكه؛ تتمثل في أصحاب السوء ، والشلل التي تتكون في سن المراهقة حيث يكون حب المغامرة في هذا العمر هو الدافع المحرك لسلوكهم ، وبالطبع كل فرد منهم يعاني من مشاكل أسرية ؛ مثل التفكك الاسري أو التربية الدكتاتورية المتسلطة أو العنف الاسري، وبالتالي ممكن جداً يصبحوا متحريشين للتنفيس عن غضبهم من أسرهم و المجتمع،
العامل الآخر ؛ هو الانفتاح والإعلام الذي أصبح في متناول الجميع ، فأي شخص يستطيع مشاهدة ما يشاء من أفلام العنف والتحرش والجرائم المنظمة في الدعارة والسرقة ، وغيرها من جميع أنواع الافلام ، التي تحكي ماذا يفعل المختلون عقلياً من أنواع الجريمة.
القانون والتوعية
ولمواجهة التحرش ، ترى نصير ؛ أولاً ضرورة قانون صارم للمتحرشين وتكون العقوبة علي حسب فعل التحرش ؛ سجن وغرمات نقدية مع التشهير وتنفذ العقوبة لكي يرتدع أي انسان في مجرد التفكير في التحرش.
وثانيا ؛ التوعية الأسرية للتخلص من العنف الأسري ونشر الوعي حول التربية الدينية الديموقراطية وفتح الحوار مع الأبناء واستمرار النصح والارشاد بالحسنة، واشتراك جميع المؤسسات التعلمية في عملية التربية السليمة وتعديل السلوك . وخصوصاً المدرسة فهي المنزل الثاني للأبناء الذي يقضون به معظم نهارهم فيجب التركيز علي النواحي الاخلاقية والدينية واشراكهم في الأعمال التطوعية في المجتمع.
وثالثا ؛ علي المدرسة دراسة المشاكل الاجتماعية للطلبة والطالبات ومحاولة تقديم الحلول المناسبة لأنها تساعد في انقاذ الإنسان من الانحراف بشتي أنواعه ورابعا؛ دور وسائل الاعلام مهم جداً وخصوصاً في الوقت الحالي مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي ، ويجب أن يكون لدينا برامج اجتماعية مكثفة للتوعية بجميع المشاكل الاجتماعية، واشتراك جميع وسائل الاعلام المقروءة والمسموعة والمرئية في معالجة هذه الموضوعات.
مرضى نفسيون
وتقول الاستشارية النفسية للسلوك نهله الوشاح إن المجتمعات العربية مازالت تعاني من الظاهرة وهذا السلوك المنحرف، وتشير أن المتحرشين ضمن قائمة المرضى النفسيون، ولا بد من توجيه أطفالنا وتعليمهم بأن لا يستقبلوا أي ايماءات أو إشارات أو حركات و قول و فعل أو أي أمر غريب بدافع المتعه ، ولا بد من التوجه إلى الأم أو الأب للنظر في الأمر .
وتضيف الوشاح أن التحرش يبدأ في التنشئة الاجتماعية ؛ بعملية تفضيل الذكر عن الأنثى ، ويرجع هذا الى الأسرة حيث يبدأ تميز الأولاد في التعامل مع البنات بجرأة، فهم يعتقدون ان هذا حق من حقوقهم لكونهم رجال، لهذا لا بد من الحذر في التربية.
عقد نفسية للأطفال
وتؤكد دكتورة سحر السبهاني ناشطه اجتماعية وعضوة في مجالس الأحياء ورئيسة اللجنة النسائية بمركز حي النهضة بجده ، أن التحرش أصبح مصدر ازعاج في جميع الدول ، وخصوصا تعرض الأطفال لهذا النوع من السلوك الذي يسبب عقد نفسيه لديهم ويكون لها تأثير سلبي في جميع المراحل العمرية التالية، وتضيف أن الاحصائيات على مستوى العالم العربي أظهرت أرقام مخيفه عن ضحايا التحرش، وبالتالي نطمح سن قوانين حازمة ورادعة والتشهير بمن يقومون بهذا السلوك المخزي .
قانون منفصل
ويوضح المستشار القانوني والمحامي ريان مفتي أنه ليس هناك قانون خاص يعاقب وفقه المتحرش ، وجريمة التحرش ليس لها قانون منفصل بل تتدرج ضمن القضايا التعزيرية ، والدائرة المختصة للنظر والتحقيق بها هي إدارة العرض في النيابة العامة ، ونتمنى اليوم بحسب توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله- أن يكون هناك نظام خاص في بقضايا التحرش.
أخطر المشكلات المعاصرة
تقول الدكتوره أروى حسني عرب ، المعالجة النفسية وعضو هيئة تدريس جامعة الملك عبدالعزيز ، بتخصص علم نفس الاكلينيكي، إن التحرش من أخطر المشكلات الاجتماعية المعاصرة ، التي تهدد الأمن النفسي للأفراد, كونه سلوكا تعافه النفس البشرية وتمتنع الفطرة السليمة عن الإقدام عليه, وهو سلوك اجتماعي مخالف لما تعارفت عليه الجماعات من قيم ومعايير.
وأضافت عرب لـ”لبلاد” أن التحرش فعل محرم في الشرائع السماوية كافة ، وتجرمه القوانين الوضعية، كما أنه سلوكا يعكس غالبا اضطرابات وصراعات نفسية واجتماعية لدى المتحرش.
3 قوى تتنازع الإنسان
وأشارت عرب إلى أن أي إنسان تتنازع نفسه 3 قوى رئيسية هي: (الرغبات) بما فيها الرغبات الجنسية، ويطلق عليها “الهوId “، وقوى الضمير الأخلاقي والقيم والمبادئ، ويطلق عليها “الأنا الأعلىSuper Ego” ، والثالثة محاولة التوازن بين الجانبين السابقين، ويطلق عليها “الأنا Ego “، حيث يسعى الإنسان إلى تحقيق الرغبات الإنسانية وفق قيم ومعايير المجتمع ومبادئه الأخلاقية.
ظاهرة عالمية
وبينت عرب أنه لا توجد احصاءات علمية يمكن الاعتماد عليها توضح حقيقة انتشار ظاهرة التحرش في المجتمع السعودي، وإنما الموجود اجتهادات غير مدققة علمياً، علما أن سلوك التحرش موجود في جميع المجتمعات والدول ولا يخص ثقافة أو دول معينة.
غياب نظام للعقاب
وبحسب عرب في دراسة استطلاعية لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني عن التحرش الجنسي في المجتمع السعودي، شملت( 992 ) من الذكور والإناث من فئات عمرية فوق 18 سنة, أظهرت أن ( 76%) من المشاركين يرون أن عدم وجود أنظمة تحد من التحرش يؤدي إلى ازدياد الظاهرة في المجتمع, وأنهم يرون بأنه ليس هناك عقوبة تعزيرية واضحة منصوص عليها، تحدد مقدار عقاب أو جزاء كل تصرف أو سلوك خاطئ قد يلحق الضرر بالآخرين.
العقوبة والعلاج معا
وأكدت عرب أن وجود عقوبات محددة وواضحة خطوة مهمة للحد من المشكلة ؛ بأن تكون العقوبة بالتشهير وعرض المتحرش على لجنة تضم فريق من المختصين لعلاج و وتقويم المتحرشين فكريا و نفسيا ، وكون المتحرش غالبا شخص يعاني من مشكلة نفسيه لا يمنع اخضاعه للعقوبه بالتزامن مع العلاج النفسي ، ودعت عرب إلى الاستفادة من تجارب الدول الأخرى التي نجحت في الحد من المشكلة ، بما يتناسب مع معايير و قيم المجتمع ، ولفتت عرب إلى ضرورة وجود دراسات واحصائيات علمية لمعرفة الأسباب ووضع مؤشرات للقياس و طرق للوقايه والعلاج ، وتنفيذ برامج تثقيفية وعلاجية مناسبة وفعالة.
دور الأسرة مهم
ونوهت عرب إلى الدور المهم للأسرة ؛ فكلما كانت تربية الطفل متوازنة وتتم على أسس تربوية سليمة، فإنه ينشأ بتوازن نفسي واجتماعي يمكنه من التوفيق بين أجزاء قوى الشخصية الـ 3 السابقة دون جهد كبير، أما إذا حدث تعثر في التربية، أو ترك الطفل للتربية العشوائية التي تتم وفق مبدأ الصدفة أو التجربة والخطأ،
فذلك يخلق مجالا رحبا لتحول الفرد إلى شخص “سيكوباتي” أو مضاد للمجتمع؛ بمعنى أنه لا يفكر إلا في تحقيق رغباته وغرائزه بما يحقق له اللذة دون الاعتبار لمعايير الأسرة أو المجتمع، لأنه يفتقد للمرجعية أو “الأنا الأعلى” أو الضمير الأخلاقي الذي يحكم تصرفاته، ومع الوقت يعتاد السلوكيات المنحرفة دون الشعور بالذنب أو تأنيب الضمير ، وتختتم المعالجة نفسية وعضو هيئة تدريس بجامعه الملك عبدالعزيز، بأن المشكلة تبدأ من المنزل ، والمهمة الكبرى على الأسرة ، ووجود القدوة و بناء نسق قيمي أو ضمير يحمي الأبناء من الانزلاق في هاوية الانحراف أمر ضروري لمواجهة الظاهرة.
عوامل مشددة للعقوبة
ويقول المحامي الدكتور ابراهيم زمزمي لـ”لبلاد”إن سلطة القاضي التقديرية أساسية في الدعاوي الجزائية كافة؛ وهي تتعلق بتقدير الظروف والملابسات لكل قضية علي حدة، وبناء علي ذلك يختار القاضي العقوبة ما بين الحدين الاقصي والأدني للجريمة التي ينظرها، ويضيف أن النظام قد يحدد في بعض الجرائم أسباب لتخفيف أو تشديد العقوبة، والمشاهد أن الأنظمة المقارنة لا تميل الي تخفيف عقوبة التحرش بل تميل لتشديدها إذا وقعت في مكان له اعتبار مثل مكان عمل المرأة ؛ علي أساس أنها في هذه الحالة تحرم من حقين: حقها في منع تعرضها للمضايقات وحقها في العمل، لأنها في الأغلب لن تستطع الذهاب لعملها بعد تعرضها للجريمة لأكثر من مبرر.
السجن سنة أو سنتين
ويضيف زمزمي أنه في اعتقاده وفق النظم القانونيه المقارنة بأن عقوبة جريمة التحرش العادية لن تزيد عن السجن سنة بجانب الغرامة ، وفي صورتها المشددة ؛ أي إذا ارتكبت في أماكن العمل لن تزيد عن سنتين بجانب الغرامة، وينوه زمزمي إلى أن المشرع البريطاني يُحمّل صاحب العمل جزء من التعويض المالي المستحق للمجني عليها.
حماية “قيادة المرأة”
وأوضح زمزمي أن التزامن في توقيت نظام قيادة المرأة للسيارة ونظام عقوبات التحرش، يحيط قيادة المرأة بالضمانات القانونية، لأن كلا الأمرين حق للمرأة لاينتقص أحدهما من الأخر؛ فالمرأة من حقها الحصول على ما يضمن حمايتها بمنع تعرضها للمضايقات بكافة اشكالها، وحقها في القيادة أيضا، وتكامل الحقوق تحت مظلة النظام يخدم حمايتها واستمرارها خاصة وأن القاعدة القانونية عامة ومجردة وتخدم الجميع دون تفريق بين ذكر وانثى.
حالات فردية
وأكد زمزمي أن واقعة التحرش الشهيرة بكورنيش جدة أو أثناء الاحتفالات ؛ لا تعني تفشي ظاهرة التحرش في المجتمع، ولا يجب أن نعمم لمجرد وجود حالات فردية، والخير موجود في ابنائنا وبناتنا، وبعض القضايا يروج لها بكثافة في أوقات معينة عبر عدد من منصات المواقع الاجتماعية ؛ من تحرش بأطفال أو نساء.
يشمل “مواقع التواصل”
ويرى زمزمي أن نظام عقوبات التحرش يـجب تضمينه أن يكون الحد الأدني للعقوبة السجن 3 أشهر والحد الأقصي سنة وغرامة مالية لاتقل عن 2000 ريال ولا تزيد عن 10000 ريال، وتشديد الحد الاقصي للعقوبة لتصل إلي سنتين ومضاعفة الغرامة إذا كان التحرش في بيئة أو مكان له اعتبار مهم أو خاص، ودعا زمزمي إلى أهمية أن يخاطب القانون الجميع ذكراً وأنثى ، وأن يشمل كل حالات التحرش ، وخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي.
يحمي الأعراض
ويؤكد الباحث في الفقه المقارن الدكتور الشيخ سعد السبر لـ”البلاد” أن التحرش بالنساء بمختلف أعمارهن محرم، وقد حرمت الشريعة الإسلامية الاعتداء على المسلمين وغيرهم ، فمال وعرض الناس مصان ومحفوظ في المملكة وفقاً للشرع .
ويضيف السبر أن الإسلام حرم الزنا والتحرش خطوات في طريق الفاحشة ، فضلاً عن المطالبه بغض البصر وعدم التعرض للنساء ، لذلك سن قانون مكافحة التحرش من مسئوليات ولاة الأمر – حفظهم الله – الواجبة عليهم لصيانة الاعراض والدماء وجميع الحقوق، وصيانة لحقوق غير المسلمين في المملكة .
التعزير لولي الأمر
وشدد السبر على أن سن قانون لمواجهة التحرش لا يخالف الشريعة ، وأن النظام لحماية الناس وأعراضهم ، وسن القانون يدفع المفاسد ويجلب المنافع للمسلمين وغيرهم، والتعزير حق لولي الأمر ، فإذا رأى ولي الأمر أن يفعل في اي مفسد ما يكفي شره عن المسلمين وغيرهم ، كان الأمر مطلوباً ومحموداً، وقد يندرج هذا النظام ضمن التعزيرات التي هي غير مقررة بحد ، إنما يقررها ولاة الأمر .
جاء في وقته
“البلاد” استطلعت آراء المواطنين، يقول عبدالعزيز النعثلي إن تطبيق قانون لمواجهة التحرش تأخر كثيرا ، وأصبح ضرورة قبيل السماح للمرأه بقياده السياره في شهر شوال المقبل ، والاسراع بتنفيذه وتطبيقه ضرورة لضبط المخالفين ؛ فكان الامر الملكي الكريم في وقته .
ويضيف أن العقوبات يجب ان تكون متفاوتة؛ بسيطة في المره الأولى ، ثم متوسطة في الثانيه ، وشديدة في الثالثه ، ومغلظه في المرات التالية، وبحسب جرم المتحرش أيضا.
ردع النساء الكاذبات
ويشير فهد الزهراني إلى أن “النظام” خطوة ممتازة وهذا وقتها ، كون البلاد تتقدم مع دول العالم ، ولابد من وجود مثل هذه القوانين لحفظ الأمن والعيش بحياة كريمة، ويطالب بوضع بند في القانون يمنع التلاعب والادعاءات الباطلة ؛ لأن القانون وضع لتحرش الرجال ، لذلك لابد من رادع لبعض النساء المدعيات بالباطل مع عدم وجود بينه لديها ، إنما تستغل القانون لوجود خلاف بينها وأحد الرجال.