بقلم:عتيق الجهني
بسملة :
ليس غريباً على الإطلاق أن تسمع مُحتاجا يدعوا ربه بــ رزقٍ يسُد حاجته ..ولكن الغريب أو غير المألوف أن نسمع بشخصٍ يدعو الله بــــ أن يرزقه مُحتاجاً ليسُدَّ حاجته ..! تلك والله عظمة الأخلاق ونعمة من نِعم الله على عباده .
مدخل :
تُصبح الحياة أسهل وأجمل وأشدّ مُتعةً وإشراقاً كُلما أحاط أحدنا بتجربة غيره من السُعداء واستلهم من خبرته ..وأعني هُنا بالسُعداء داخلياً من أعماق النفس لا سُعداء المال ومُلحقاته ؛ بحثت كثيراً فما وجدت بين الناس أكثر سعادةً من أولئك الذين يقتنصون أنصاف الفرص بل أرباعها ليصنعوا للآخرين سعادةً يسدّون بها حاجاتهم بل العجيب أنهم لا يكتفون باقتناص تلك الفرص بل ويحسنون اغتنامها ويبدعون في استثمارها،
مشهد :
قبل ثلاثة أشهر تقريباً أُصبت بوعكة صحية أجبرتني على التنقل هُنا وهُناك من مدينة لأُخرى بحثاً عن علاج ..كنت في كل مرّة أُسافر وأدفع الوقت والمال وأنتظر طويلاً أمام عيادات الأطباء والنتيجة هي ذاتها بعد كل محاولة ؛ غير أن المرض ولله الحمد ساعدني على الإرتحال داخل غابة الصبر ببهجة أكثر كلما مرّت الأيام تِباعاً ؛ إلى أن وصلت ليومٍ لن أنساه حينما إلتقيت برجل بكل بساطته وإمكانياته بعد أن هاتفته وأخذت منه موعداً طبياً ليفاجئني في تلك المكالمة بــ أنه شخصياً وبنفسه سوف يزورني في الفندق الذي أقطنه ليقدم لي المساعدة ..!
ليترك علامات التعجب تدور في رأسي ..ظننت في بداية الظنون أن الأمر مُتعلق بــ زيادة الأجر المادي ؛ ثم مرّةَ أخرى ظننت بأن الواسطة لها دور كّوني أرتبط بعلاقة صداقة مع أحد أقرباء ذلك الطبيب ؛ لكن في الحقيقة لاشيء من ذلك كان صحيحاً ..!!؟ وبصدق لم تكن حيرتي هنا قادمة من كوني لا أملك ما أقوله عنه، بل لكثرة ما لدي من التعجب والتساؤل في ذات الحين، فما أن هممت بدفع الأجُرة ليسبقني قائلاً : لم آخذ أجرةً من أحد من الناس ولست بأخذٍ منك ؛وكأن لسان حاله قول الشاعر المحكي “( يـــ الله بـــ محتاج ليّاسِد عنه …يذكر مواقفنا بدعوة وهو حاج ) ؛ عندها أدركت أن ذلك الرجل من أولئك البشر الذين هّمُهّم الوحيد أن يتركوا أثراً لهم أحياءَ وأمواتاً .
مخرج :
في أُسرتك ؛ في عملك ؛ في المجموعات المضافة في هاتفك …بين جيرانك ؛ بين الأصدقاء ..بين الأقارب عند كل من يعرفك ومن لا يعرفك أُترك أثراً جميلاً لتجمل لك الحياة .
خاتمة :
الحب كالحرب من السهل أن تُشعلها . .لكن من الصعب أن تخمدها.